للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشّريف محمد ابن سيّدى الشّيخ الحسن (١)، ابن سيّدى الشّيخ عبد الرّحيم (٢) القنائىّ، جمع بين العلم والعبادة، والورع والزّهادة، وحسن ألفاظ تفعل فى العقول ما لا تفعله العقار، مع سكون ووقار.

سمع الحديث من العلّامة المفتى أبى الحسن علىّ بن هبة الله بن سلامة، والحافظ عبد العظيم المنذرىّ، وشيخ الإسلام، أبى محمد ابن عبد السلام بقراءته عليهم.

وكان فقيها مالكيّا ويقرئ مذهب الشافعىّ، نحويّا فرضيّا حاسبا، محمود الطّرائق انتفع بعلومه وبركته/ طوائف من الخلائق، تنقل عنه كرامات، وتؤثر عنه مكاشفات، وكان ساقط الدّعوى، كثير الخلوة والانعزال عن الخلق، صائم الدّهر قائم الليل.

حكى لى الشّيخ الصالح العدل الثّقة كمال الدّين الدّروىّ قال: كنت بمدرسة ابن الأسفونىّ بقوص أشتغل بها، وكان عندى كتاب كتبته بخطّى، فيه شرح الأسماء الحسنى وغيره، فثقل علىّ شخص وأخذه منّى، وأحضر لى ثلاثين درهما وأكثر، فجعلتها فى مكان مدّة، وكنت أتعبّد، فورد الشّيخ محمد (٣) ونزل المدرسة ومعه بعض فقراء، فوقفت أملأ إبريقا، وإذا بخادمه قال: ما تطلع تجلس تتحدّث معنا، فجلست معه أتحدّث، فجرى ذكر الزّهد فتكلمت فيه، وإذا بباب فتح وخرج الشّيخ محمد فقمت له فقال: اجلس، ثمّ قال: يا فقراء ما ينبغى للانسان أن يتكلّم فى الزّهد وعنده كذا وكذا درهما لها مدّة، وذكر ذلك القدر، قال: ثمّ دخل مكانه فسمعته يقول:

«وما فعلته عن أمرى» … !


(١) انظر ترجمته ص ٢٠٣.
(٢) انظر ترجمته ص ٢٩٧.
(٣) هو صاحب الترجمة فى الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>