للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الدّشناوىّ، واشتغل بالأصول على الشّيخ شهاب الدّين أحمد القرافىّ، والشّيخ شمس الدّين محمد بن يوسف الخطيب الجزرىّ وقرأ أصول الدّين والمنطق على بعض العجم، اشتهر أنّه ذكر للشّيخ تقىّ الدّين أبى الفتح محمد القشيرىّ فقال: «الفقيه محمد بن يحيى ذكىّ جدّا، فاضل جدّا، كريم جدّا».

وتولّى [الحكم] بأدفو بلدنا وقمولا، وناب فى الحكم بمدينة قوص، ثمّ لمّا مات قاضيها، ورد كتاب قاضى القضاة تقىّ الدّين عبد الرّحمن ابن بنت الأعزّ أن يستمرّ فى الحكم، إلى أن يتولّى العمل قاض، وكان خطيبا ببلده أرمنت، أجازه بالفتوى الشّيخ جلال الدّين أحمد الدّشناوىّ.

رأيته مرّات وقد ضعف حاله وقلّ ماله، ومع ذلك أضافنى ضيافة أهل الثروة.

وحكى لى صاحبنا [الشّيخ] محمد ابن العجمىّ قال: وردت عليه مرّة بعد أن قلّ ما بيده فقال غلامه: «والله جئت جيّدا بسم (١) الله عند الجماعة» فقال: لا كيد ولا كرامة- وكان عنده القموليّة، وقد قدّم لهم خروف شواء- فلمّا علمت الحال قلت: يا سيّدى، دعنى آكل مع الجماعة، فقال: لا، وأرسل عمل لى دجاجا وأكل معى، وصار مفكرا فيما يعطينى، وإذا بغلام من غلمانه وضع بين يديه «خرجا» وأخرج منه قضيبين من الحديد للسّواقى، أخذهما له بثمن فى ذمّته فقال: والله جئت جيّدا، يا شيخ محمد خذهما، فقلت: يا سيّدى هؤلاء لكم بهم حاجة، وأنا ما لى بهم ضرورة، فحلف لا بدّ من أخذهما، فأخذتهما وركبت إلى «شطفنبة (٢)» بعتهما بأربعين درهما، قال: فاجتمعت به بعد ذلك مع الجماعة فقال: جاء الشّيخ محمد إلىّ وأسقيته قضيبين، فقلت: حديد يا سيّدنا …


(١) تعبير ما زال موجودا حتى اليوم عند العامة، يقصدون به الدعوة إلى الطعام.
(٢) انظر فيما يتعلق بها الحاشية رقم ١ ص ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>