للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واتّفق له من الحكايات أنّه كان يصحب الإمام تقىّ الدّين أبا الفتح القشيرىّ، فسافر معه فى مركب إلى قوص وجعله المنفق، فصار بعض أحفاد الشّيخ يطلب منه شيئا فلا يعطيه، فصاروا يأخذون من خبز النواتية، ويجعلونه فى عدّة الفقيه جمال الدّين مرّة بعد مرّة، فقال الشّيخ: ما خار الله لهذا الرجل فى صحبتنا، ونقص عنده، فقال لى بعض أصحابنا: رأيت بعضهم بعد موت الشّيخ يستحلّ منه.

ولمّا مات عثمان (١) ابن أبى الحسن رئيس المؤذنين بقوص، وكان عارفا بالمواقيت، لم يوجد أنسب من الفقيه جمال الدّين فجعل مكانه، ثمّ إنّ شخصا من أهل أدفو يقال له: أبو الحسن ابن عبد الملك، اشتغل بشئ من ذلك، ولم يظهر عليه نجابة، وكان مقيما بالقاهرة فى صحبة الحكيم المنجّم الفارقىّ، فلمّا مات شيخه، تنجّز مرسوما بهذه الوظيفة وحضر إلى قوص، وكان القاضى بها عماد الدّين محمد بن سالم/ البلبيسىّ فمكّنه، فاختبر فلم تظهر [له] معرفته، حتّى إنّه غيّرت عليه الآلات فأذّن فى غير الوقت، فحضر الفقيه جمال (٢) الدّين [القوصىّ] إلى القاضى وقال: أنا مالى رغبة فى هذه الوظيفة، بل تشقّ علىّ، وما دخلت فيها إلّا لتعيّن ذلك، ولكن هذا الرجل لا يعرف هذا الفنّ، واختبروه فنفر منه وانزعج عليه، وقصد أن يسترد منه الجامكيّة فى الماضى، فشقّ ذلك عليه.

وخرج من قوص، وتوجّه إلى اليمن، فتوفّى بها قريبا من عشرين وسبعمائة، وأظنّه خمس عشرة.

وقد كان ألّف شيئا على لغات الكتاب العزيز، صحبته كثيرا ورأيته على حال حسن، وكان أكولا، [و] تراه مصفرّ اللون غالبا، وكان صحيح الودّ، رحمه الله تعالى.


(١) هو عثمان ابن أبى الحسن فخر الدين القوصى، انظر ترجمته ص ٣٤٧.
(٢) هو صاحب الترجمة فى الأصل محمد بن عبد المجيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>