أصبح مضرورا»، فكتب لى بشئ، ثمّ ثانى يوم كتبت:«المملوك ابن الحواسينىّ»، [فكتب لى بشئ، ثمّ ثالث يوم كتبت:«المملوك محمد»، فطلبنى] وقال لى: من [هو] ابن الحواسينىّ؟ فقلت: المملوك، قال: ومن هو القوصىّ؟ قلت: المملوك، قال: تدلّس علىّ تدليس (١) المحدّثين؟ قلت: الضّرورة، فتبسّم وكتب لى …
وسمعت كلّا من الشّيخين العالمين شمس الدّين محمد بن عدلان، وشمس الدّين محمد ابن القمّاح يقولان: سمعناه يقول: «ضابط ما يطلب منّى أن يجوز شرعا، ثمّ لا أبخل».
وكان له نصيب ممّا ينسب إلى الصالحين من الكرامات، وما يعزى إليهم من المكاشفات، حكى لى الشّيخ المحدّث شهاب الدّين أحمد ابن أبى بكر الزّبيرىّ قال:
كان فلان- وسمّاه- سمع كتاب «صحيح» مسلم وفاته ميعاد، فقال للتقىّ العمرىّ:
أعد لى الميعاد، فقال: ما يعاد إلّا أن تطعمنا كذا، فدعانا وهيّأ لنا ما ذكرنا [هـ] وحضرنا عنده، ثمّ غاب زمانا طويلا، ثمّ حضر فقلنا: أبطأت، قال: كنت عند الصّاحب زين الدّين، ووالى مصر عنده، فحضر بريدىّ وناول الوالى كتابا فقال:
اطلبوا المقدّم، فقال له الصّاحب ما بالك؟ فقال: طلب أن يقرأ البخارىّ بسبب التّتار، وذكر أمر الجيش، قال له الصّاحب: وما تريد بالمقدّم؟ فقال: يجمع المحدّثين، فقال الصّاحب: المقدّم ما يقوم بهذا، أنا أتكفّل لك بهذه القضيّة، وأخرج البخارىّ فى اثنى عشر مجلدا، وذكر الجماعة فواعدنا واجتمعنا وقرأنا البخارىّ، وبقى ميعاد أخّرناه حتّى نختمه يوم الجمعة، فلما كان يوم الجمعة رأينا الشّيخ تقىّ الدّين بالجامع فسلّمنا عليه فقال: ما فعلتم
(١) التدليس قسمان: أحدهما تدليس الإسناد وهو أن يروى عمن لقيه ما لم يسمعه منه موهما أنه سمعه منه، أو عمن عاصره ولم يلقه موهما أنه قد لقيه وسمعه منه، والقسم الثانى: تدليس الشيوخ وهو المقصود هنا فى النص، وذلك أن يروى عن شيخ فيسميه أو يكنيه أو ينسبه أو يصفه بما لا يعرف؛ انظر: مقدمة ابن الصلاح/ ٣٤، والتذكرة والتبصرة ١/ ١٧٩.