للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إن زجرته ألهب، أديمه روضة بهار (١)، ينظر فى ليل من نهار، ينساب انسياب الأيم (٢)، ويمرّ مرور الغيم، لا ينبّه النائم إذا عبر به، ولا يحرّك الهوى فى سربه (٣)، أخفّ وطئا من طيف، وأوطأ ظهرا من مهاد الصّيف، قال: فلم يزل بنا المسير، وكلّ منّا فى طاعة (٤) صاحبه أسير، إلى أن قصدنا واديا، كان لعيوننا باديا، فما قطعنا منه عرضا، حتّى أتينا أرضا، كأنّما فرش قرارها من زبرجد، وصيغت ألوانها من لجين وعسجد، قد رقرقت فيها السحاب دمعها، وأحسنت فى قيعانها جمعها، نسيمها سقيم، وماؤها مقيم، فهى تهدى للنّاشق، أنفاس المعشوق للعاشق».

ومنها فى وصف كلب:

«ذو خطم (٥) مخطوف، ومخلب كصدغ معطوف، غائب الحضر، حاضر البصر، له طاعة التّهذيب، واختلاس الذّيب، وتلفّت مريب، وصداقة تدريب، [له من الطّرف (٦) أوراكه]، ومن الطّرف إدراكه، ومن الأسد صولته وعراكه، إذا طلب فهو منون، وإذا انطوى فهو نون».

وكان المذكور [رحمه الله] شجاعا مقداما غيورا، وله فى ذلك حكايات.

توفّى بأسوان بعد الستّين وستّمائة.


(١) البهار- بفتح الباء الموحدة- نبت طيب الرائحة؛ اللسان ٤/ ٨٤.
(٢) الأيم- بفتح الهمزة وسكون الياء- الحية؛ اللسان ١٢/ ٤٠.
(٣) السرب- بفتحات- السير بالليل والنهار من الأضداد، وفى التنزيل: «ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار» انظر: اللسان ١/ ٤٦٢.
(٤) فى التيمورية: «وكل منا فى طاعته أسير».
(٥) الخطم من كل دابة: مقدم أنفها وفمها؛ اللسان ١٢/ ١٨٦.
(٦) الطرف- بكسر الطاء المهملة المشددة- من الخيل: الكريم العتيق، والجمع: أطراف وطروف- بضم الطاء والراء- يقال: «فرس طرف- بكسر الطاء- من خيل طروف- بالضم-» انظر: اللسان ٩/ ٢١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>