للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فسجدَ اعتزلَ الشيطانُ يَبكي يقول: ياويلَه أُمِرَ ابن آدم بالسجود فسجدَ فله الجنّة، وأُمِرْتُ بالسجود فعَصَيت فليِ النار".

رواه مسلم في الصحيح (١) عن زهير عن وكيع.

ومعلوم أن ابن آدم إنما أمر بالسجود لله عز وجلّ لا لغيره، فدل ذلك أن السجود الذي أمر به الشيطان من جنس ما أمر به ابن آدم، وهو السجود لله عز وجلّ، ولكن عند خلق آدم إعظاما لقدرة الله التي أظهرها لهم بخلقه إياه.

وقال (٢) وإن كان السجود من الملائكة لآدم - صلى الله عليه وسلم - فقد يحتمل أن ذلك إنما كان عقوبة لهم على قولهم لله عز وجلّ: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} (٣).

فعرض الكرامة له فيه لا يخلص من عرض العقودة لهم،

وأما قتال الملائكة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنها كرامة خالصة عرضه الله لها بفضله دلالة على نفاسة قدره وعظم منزلته.

ولأن (٤) الأفضل من يفضله الله يوم القيامة ويكرمه بما لا يكرم به غيره، وقد جاء عن نبينا الصادق - صلى الله عليه وسلم - ما ذكرناه في كتاب "البعث" (٥) وغيره من شفاعته يوم القيامة لأهل الجمع ثم لأمته.


(١) في الإيمان (١/ ٨٨) ولم يسق لفظه بل أحاله على رواية أبي معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة بدون شك (١/ ٨٧ رقم ١٣٣).
ومن هذه الطريق أخرجه ابن ماجه في إقامة الصلاة (١/ ٣٣٤ رقم ١٠٥٢) والمؤلف في "السنن" (٢/ ٣١٢) واللالكائي في "شرح السنة" (٢/ ٨٢٤ رقم ١٥٢٧).
وأخرجه أحمد في "مسنده" (٢/ ٤٤٣) عن وكيع ويعلى ومحمد عن الأعمش به.
وأخرجه الحسين المروزي في "زوائد الزهد" لابن المبارك (ص ٣٤٩ رقم ٩٨١) من طريق الفضل بن موسى ومحمد بن عبيد.
وأبو نعيم في "الحلية" (٥/ ٦٠) من طريق عبد العزيز بن مسلم.
والخطيب في "تاريخه" (٧/ ٣٢٤) والبغوي في "شرح السنة" (٣/ ١٤٧) من طريق يعلى بن عبيد أربعتهم عن الأعمش به.
(٢) أي الحليمي في "المنهاج" (٢/ ٨٧).
(٣) سورة البقرة (٢/ ٣٠).
(٤) هذا دليل آخر لشرف نبينا - صلى الله عليه وسلم -.
(٥) راجع مباحث الشفاعة في أول كتاب "البعث والنشور" من النسخة المطبوعة بتحقيق عامر أحمد حيدر وهي ناقصة جدًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>