خبيث العقيدة. كان جمع أنواعا من النقائص والنقائض، فكان يقول بخلق الأفعال وغيره من قبائح القدرية، وسبّ الشيخين وسائر الصحابة وغير ذلك من قبائح شر الروافض، وتشبيه الله بخلقه وغير ذلك من قبائح الكرامية والمجسمة.
فاجتمع حوله طوائف من القدرية والباطنية وتظاهروا بالانتساب إلى المذهب الحنفي. وتقربوا إليه، وما زالوا يمكرون ويدبرون حتى أغروه بالتوسل لدى السلطان، إقناعه بسب المبتدعة على المنابر في أيام الجمع، فأصدر أمره بذلك. فاتخذ الكندري ومعارضو الأشعريين ذلك وسيلة إلى سبّ أبي الحسن الأشعري على المنابر وأحلوا بأصحابة من الشافعية أنواعا من النكال بالإهانة والأذى، والضرب والسجن، والمنع من الوعظ والتدريس، والإقصاء عن الوظائف ولا سيما الخطابة وإحلال الأحناف محلهم. ونسبوا إلى الأشعري أقوالاً لم يقلها، فقالوا إنه يقول إن نبوة النبي - صلى الله عليه وسلم - انتهت بموته، إن الله تعالى لا يجازي المطيعين على إيمانهم وطاعتهم، ولا يعذب الكفار والعصاة على كفرهم ومعاصيهم، إن موسى عليه السلام لم يسمع كلام الله عز وجل، وإن القرآن لم يكن بين الدفتين، وليس القرآن في المصحف. واتهموا الأشعري أيضًا بأنه يقول بتكفير العوام.
وقد ردّ على هذه الاتهامات الباطلة أبو القاسم القشيري في رسالة وجهها إلى علماء البلاد وسماها "شكاية أهل السنة بحكاية ما نالهم من الفتنة"(١) وأثارت الرسالة مشاعر العلماء فكتبوا إلى الوزير يطلبون منه إخماد نيران هذه الفتنة التي طار شررها في الآفاق في خراسان والشام والعراق والحجاز ومن الذين كتبوا إليه أبو إسحاق الشيرازي، والقاضي الدامغاني. والبيهقي، ولم يكن لهذه الرسائل أثر في نفس الكندري وعملائه. وسدروا في غيهم، وتمادوا في عدوانهم حتى ضاقت على أهل السنة الأرض بما رحبت، واضطروا إلى الفرار بأنفسهم وأهاليهم فمنهم من خرج إلى العراق، ومنهم من ذهب إلى الحجاز وكان فيمن ذهب إلى الحج الحافظ أبو بكر البيهقي، والأستاذ أبو القاسم القشيري، وإمام الحرمين أبو المعالي الجويني. ويقال
(١) انظر نص هذه الرسالة في المرجع المذكور (٢/ ٢٧٥ - ٢٨٨).