للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإظهار دعوته، وإبقاء شريعته، وفي الآخرة بتشفيعه في أمته وإجزال أجره ومثوبته، وإبداء فضله للأولين والآخرين بالمقام المحمود، وتقديمه على كافة المقربين (في اليوم) (١) المشهود.

وهذه الأمور وإن كان الله تعالى قد أوجبها للنبي - صلى الله عليه وسلم - فإن كل شيء منها ذو درجات ومراتب، فقد يجوز إذا صلى عليه واحد من أمته فأستجيب دعاؤه فيه أن يزداد (٢) النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك الدعاء في كل شيء مما سمينا رتبة ودرجة. ولهذا كانت الصلاة عليه مما يقصد بها قضاء حقه، ويتقرب بإكثارها إلى الله تعالى.

ويدل على أن قولنا اللهم صل على محمد صلاة منا عليه أنا (٣) لا نملك إيصال ما يعظم به أمره ويعلو به قدره إليه. وإنما ذلك بيد الله تعالى فصح أن صلاتنا عليه الدعاء له وابتغاؤه من الله جل ثناؤه له.

قال: وقد يكون للصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجه أخر وهو: أن يقال الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما يقال السلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والسلام على فلان وقد قال الله عز وجلّ: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} (٤).

معناه لتكن أو كانت الصلاة (من الله) (٥) على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما يقال صلى الله عليه أي كانت من الله عليه الصلاة أو لتكن الصلاة من الله عليه، والله أعلم.

ووجه هذا أن التمني على الله عز وجلّ سؤال، ألا ترى أنه يقال غفر الله لك ورحمك الله فيقوم ذلك مقام اللهم اغفر له اللهم ارحمه (٦).


(١) زيادة من "المنهاج"
(٢) في (ن) "يزاد".
(٣) في (ن) "لأنا".
(٤) سورة البقرة (٢/ ١٥٧).
(٥) زدته من عندي لتوضيح المعنى. وفي "المنهاج": "وقد قال الله عز وجلّ: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} ويقال: التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله. فإذا جاز هذا جاز أن يقال: الصلاة على رسول الله أي الصلاة من الله عليه. والله أعلم".
والمعنى أننا إذا قلنا: "الصلاة على رسول الله، فمعناه "الصلاة عليه من الله".
والصلاة من الله رحمة.
(٦) وتمام كلام الحليمي في "المنهاج" (٢/ ١٣٤): "ويقال للمريض وهب الله لك العافية وشفاك الله". فيقوم ذلك مقام "اللهم اشمفه، اللهم هب له العافية". وكذلك الصلاة على فلان. وصلى الله على فلان تقوم مقام اللهم صل عليه. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>