للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما التسليم فهو أن يقال: السلام على النبي، والسلام عليك أيها (١) النبي، أو سلام عليك أيها النبي، أو يا رسول الله. ولو قال: اللهم صل وسلم على محمد لأغنى ذلك عن السلام عليه في التشهد.

ومعنى السلام عليك: اسم السلام عليك، والسلام اسم من أسماء الله عز وجلّ فكانه يقال اسم الله عليك. وتأويله: لا خلوت من الخيرات والبركات، وسلمت من المكاره والمذام إذ كان اسم الله تعالى إنما يذكر على الأعمال توقعا لاجتماع معاني الخير والبركة فيه وانتفاء عوارض الخلل والفساد عنه.

ووجه آخر وهو أن يكون معناه ليكن قضاء الله عليك السلام وهو السلامة كالمقام والمقامة والملام والملامة أي سلمك الله من المذام والنقائص.

فإذا قلنا: اللهم سلم على محمد كأنما نريد به اللهم اكتب لمحمد في دعوته وأمته وذكره السلامة من كل نقص، فتزداد دعوته على الأيام علوا، وأمته تكاثرا، وذكره ارتفاعا، ولا يعارضه ما يوهن له أمرا بوجه من الوجوه والله أعلم، وأما الرحمة فإنها تجمع معنيين:

أحدهما إزاحة العلة.

والآخر الإثابة بالعمل. وهي في الجملة غير الصلاة ألا ترى أن الله عز وجلّ قال: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} (٢).

ففصل بينهما وجاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما دل على انفصالهما عنده

يعني ما:


(١) يجب التحرز من مثل هذه الكلمات بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم -. وأما ما ورد في التشهد "السلام عليك أيها النبي " فالواجب قصره عليه ولا يجوز التعدي عنه إلى النداء يا رسول الله ويا نبي الله كما هو دأب المبتدعة في زماننا وقد ورد في صحيح البخاري أن عبد الله بن مسعود قال في حديث التشهد إنهم كانوا يقولون "السلام عليك أيها النبي" لما كان بين ظهرانيهم فلما قبض قالوا: "السلام على النبي" أي تحولوا من صيغة الخطاب إلى الغيبة. راجع "فتح الباري" (٢/ ٢١٤).
(٢) سورة البقرة (٢/ ١٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>