للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[١٥٤٠] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا الربيع ابن سليمان، أخبرنا الشافعي رحمه الله قال: العلم علمان: علم عامة لا يسع بالغا غير مغلوب على عقله جهله مثل أن الصلوات خمس، وأن الله فرض على الناس صوم شهر رمضان وحج البيت إن استطاعوا، وزكاة في أموالهم، وأنه حرم عليهم الزنا والقتل والسرقة والخمر وما كان في معنى هذا مما كلف العباد أن يفعلوه ويعلموه، ويعطوه من أنفسهم وأموالهم وأن يكفوا عنه مما حرم عليهم منه وهذا صنف (١) من علم موجود نصا في كتاب الله عز وجلّ وموجودا (٢) عاما عند أهل الإسلام ينقله عوامهم عمن مضى من عوامهم يحكونه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا ينازعون في حكايته ولا وجوبه عليهم.

فهذا العلم العام الذي لا يمكن فيه الغلط من الخبر ولا التأويل ولا يجوز فيه التنازع.

والوجه الثاني ما ينوب العباد من فروع الفرائض وما يخص به من الأحكام وغيرها مما ليس فيه نص كتاب ولا في أكثره نص سنة وإن كانت في شيء منه سنة فإنما هي من أخبار الخاصة لا أخبار العامة، وما كان منه يحتمل التأويل ويستدرك قياسا.

وهذه درجة من العلم ليس تبلغها العامة، ولم يكلفها كل الخاصة، ومن احتمل بلوغها من الخاصة فلا (٣) يسعهم كلهم كافة أن يعطلوها، وإذا قام بها من خاصتهم من فيه الكفاية لم يحرج غيره ممن تركها إن شاء الله تعالى، والفضل فيها لمن قام بها على من عطلها- واحتج بقول الله عز وجلّ: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} (٤) الآية.

وجعل الشافعي رضي الله عنه مثال ذلك الجهاد في سبيل الله عز وجلّ والصلاة على الجنازة ودفن الموتى ورد السلام (٥).


[١٥٤٠] ذكره الشافعي في "الرسالة" (ص ٣٥٧ - ٣٦٠). وذكره المؤلف في "المدخل" أيضًا
(ص ٢٣٢).
(١) وفي الرسالة "وهذا المصنف كله من العلم … ".
(٢) ورد هكذا منصوبا في "الرسالة" أيضًا. وقال المحقق العلامة أحمد شاكر: "وجهه أن يكون مفعولا لفعل محذوف كانه قال: وتجده موجودا، أو ونراه موجودا، أو نحو ذلك".
(٣) كذا في "الرسالة" وفي الأصول "ولا يسعهم".
(٤) سورة التوبة (٩/ ١٢٢).
(٥) راجع "الرسالة" (ص ٣٦٣ - ٣٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>