للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يحيي بن بكير. ورواه (١) مسلم من وجه آخر، عن الليث.

وإنما أراد والله تعالى أعلم: "وهو مؤمن" مطلق الإيمان لكنه ناقص الإيمان بما ارتكب من الكبيرة وترك الانزجار عنها ولا يوجب ذلك تكفيرا بالله عز وجل كما مضى شرحه وكل موضع من كتاب (٢) أو سنة ورد فيه تشديد على من ترك فريضة أو ارتكب كبيرة فإن المراد به نقصان الإيمان فقد قال الله عز وجل (٣): {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} وذكرنا في "كتاب الإيمان" من الأخبار والآثار التيَ تدل على صحة ما ذكرنا (٤) من التاويل ما فيه كفاية وبالله التوفيق.

وذكر الحليمي رحمه الله تعالى هاهنا آثارا تدل على أن الطاعات من الإيمان وأن


= (١/ ٥٧٨ رقم ٥١٨)، والمؤلف في "سننه" (١٠/ ١٨٦ - ١٨٧)، كا روي من طرق أخرى عن أبي هريرة راجع "مسند الإمام أحمد" (٢/ ٢٤٣، ٣١٧، ٣٨٦) وابن منده في "كتاب الإيمان" (٢/ ٥٧٤ - ٥٧٨)، وله شواهد من حديث عائشة أخرجه البخاري (٨/ ١٨) وأحمد (٦/ ١٣٩) وابن أبي شيبة في "مصنفه" (١١/ ٣٢) وفي "الإيمان" (رقم ٣٩)، ومن حديث ابن عباس أخرجه البخاري (٨/ ١٥) والنسائي (٨/ ٦٣)، وابن أبي أوفى أخرجه ابن الجعد في "مسنده" (٣٣٨١١ رقم ٢٦٩) وابن أبي شيبة في "المصنف" (١١/ ٣٣) وفي "الإيمان" (رقم ٤٠).
(١) في (ن) والمطبوعة " أخرجه".
(٢) في (ن) والمطبوعة "كتاب الله".
(٣) النساء (٤/ ٤٨، ١١٦).
(٤) وهو أن النفي لكمال الإيمان والمعنى: لا يفعل هذه المعاصي وهو كامل الإيمان. قال النووي: هذا هو الصحيح الذي قال المحققون، وذكر الحافظ ابن حجر تاويلات أخرى في معنى الحديث وقال: "وحاصل ما اجتمع لنا من الأقوال في معنى هذا الحديث ثلاثة عشر قولا خارجا عن قول الخوارج وعن قول المعتزلة" راجع "فتح الباري" (١٢/ ٦٠ - ٦٢)، وقال الحافظ: قال القاضي عياض: أشار بعض العلماء إلى أن في هذا الحديث تنبيها على جميع أنواع المعاصي والتحذير منها. فنبه بالزنا على جميع الشهوات، وبالسرقة على الرغبة في الدنيا والحرص على الحرام، وبالخمر على جميع ما يصد عن الله تعالى ويوجب الغفلة عن حقوقه. وبالانتهاب الموصوف على الاستخفاف بعباد الله وترك توقيرهم والحياء منهم، وعلى جميع الدنيا من غير وجهها، والأولى أن يقال إن الحديث يتضمن التحرز من ثلاثة أمور وهي من أعظم أصول المفاسد، وأضدادها من أصول الصالح: وهى استباحة الفروج والأموال المحرمة وما يؤدي إلى اختلال العقل. وخص الخمر بالذكر لكونها أغلب الوجوه في ذلك، والسرقة بالذكر لكونها أغلب الوجوه التي يؤخد بها مال الغير بغير حق. (فتح الباري ١٢/ ٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>