للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= عن منصور، عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود قال: تعاهدوا هذا القرآن- وفي لفظ: تعاهدوا هذه المصاحف- فلهو أشد تفصيا من صدور الرجال من النعم من عقله، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بئسما لأحدهم أن يقول نسيت آية كيت كيت- وفي لفظ: لا يقل أحدكم نسيت آية كيت كيت- بل هو نُسَّي".
ورواه النسائي في "عمل اليوم والليلة" (٧٢٨) من طريق حماد عن منصور وعاصم عن أبي وائل عن ابن مسعود موقوفًا.
قال الإسماعلي: روى حماد بن زيد عن منصور وعاصم الحديثين معا موقوفين، وكذا رواهما أبو الأحوص عن منصور، وأما ابن عيينة فأسند الأول ووقف الثاني.
قال: ورفعهما جميعًا إبراهيم بن طهمان وعبيدة بن حميد عن منصور وهو ظاهر سياق سفيان الثوري.
قال ابن حجر: رواية عبيدة أخرجها ابن أبي داود.
وأخرج ابن أبي داود من طريق أبي بكر بن عياش، عن عاصم، عن أبي وائل، عن عبد الله مرفوعًا الحديثين معا. وفي رواية عبدة بن أبي لبابة تصريح ابن مسعود بقوله "سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" وذلك يقوي رواية من رفعه عن منصور. والله أعلم. راجع "فتح الباري" (٩/ ٨٢).
(قلت) لم ينفرد ابن عيينة بإسناد الأول ووقف الثاني كما يوهم كلام الإسماعلي بل شاركه جرير عن منصور وابن نمير وأبومعاوية ووكيع عن الأعمش، كما سبق في التخريج.
وقال أبو عبيدة في "غريب الحديث" (٣/ ١٤٩): إن وجه هذا الحديث إنما هو على التارك لتلاوة القرآن، الجافي عنه. ومما يبين ذلك قوله: "استذكروا القرآن" وفي حديث أخر "تعاهدوا القرآن" فليس يقال هذا إلا للتارك. وكذلك حديث الضحاك بن مزاحم: ما من أحد تعلم القرآن … فذكره. وسيذكره المؤلف.
قال أبو عبيد: إنما هذا على الترك. فأما الذي هو دائب على تلاوته حريص على حفظه إلا أن النسيان يغلبه فليس من ذلك في شيء. ومما يحقق ذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد كان ينسى الشيء من القرآن حتى يذكره. ومن ذلك حديث عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع قراءة رجل في المسجد فقال: "ما له رحمه الله أذكرني آيات كنت نسيتها من سورة كذا وكذا".
وقال ابن الأثير: كره نسبة النسيان إلى النفس لمعنيين:
أحدهما: أن الله تعالى هو الذي أنساه إياه؛ لأنه المقدر للأشياء كلها.
والثاني: أن أصل النسيان الترك، فكره له أن يقول: تركت القرآن، أو قصدت إلى نسيانه؟ لأن ذلك لم يكن باختياره يقال: نساه الله وأنساه. ولو روي "نُسي"- بالتخفيف- لكان معناه ترك من الخير وحرم. راجع "النهاية" (٤/ ٥٠).
وقد ذكر الحافظ ابن حجر وجوها أخرى في متعلق الذم في قوله "بئس" فراجعها في "فتح الباري" (٩/ ٨٠ - ٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>