وذكره ابن عدي في ترجمة إسماعيل بن عياش في "الكامل" (١/ ٢٩٦) وقال إن إسماعيل أدخل بين يحيى ونافع رجلين -يعني أن يحيى يروي مباشرة عن نافع، وإسماعيل روايته عن غير أهل بلده غير محفوظة. قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا حسد إلا في اثنتين". قال ابن حجر: الحسد تمني زوال النعمة عن المنعم عليه، وخصه بعضهم بأن يتمنى ذلك لنفسه. والحق أنه أعم. وسببه أن الطباع مجبولة على حب الترفع على الجنس، فإذا رأى لغيره ما ليس له أحب أن يزول ذلك عنه له ليرتفع عليه، أو مطلقا ليساويه. وصاحبه مذموم إذا عمل بمقتضى ذلك من تصميم أو قول أو فعل. وينبغي لمن خطر له ذلك أن يكرهه كما يكره ما وضع في طبعه من حب المنهيات. واستثنوا من ذلك ما إذا كانت النعمة لكافر أو فاسق يستعين بها على معاصي الله تعالى. فهذا حكم الحسد بحسب حقيقته. وأما الحسد المذكور في الحديث فهو الغبطة- وأطلق الحسد عليها مجازا- وهي أن يتمنى أن يكون له مثل ما لغيره من غير أن يزول عنه، والحرص على هذا يسمى منافسة، فإن كان في الطاعة فهو محمود، ومنه "فليتنافس التنافسون" (المطففين ٨٣/ ٢٦). وإن كان في المعصية فهو مذموم ومنه "ولا تنافسوا" (الحديث) وإن كان في الجائزات فهو مباح، فكأنه قال في الحديث: "لا غبطة أعظم- أو أفضل- من الغبطة في هذين الأمرين". ووجه الحصر أن الطاعات إما بدنية أو مالية أو كائنة عنهما وقد أشار إلى البدنية إتيان الحكمة والقضاء بها وتعليمها (في رواية). ولفظ حديث ابن عمر: "رجل أتاه الله القرآن فهو يقوم به أناء الليل وأناء النهار". والمراد بالقيام به العمل به مطلقا، أعم من تلاوته داخل الصلاة أو خارجها، ومن تعلمه. والحكم والفتوى بمقتضاه فلا تخالف بين لفظي الحديثين. ويجوز حمل الحسد في الحديث على حقيقته على أن الاستثناء منقطع والتقدير نفي الحسد مطلقا، لكن هاتان الخصلتان محمودتان، ولا حسد فيهما، فلا حسد أصلًا. راجع "فتح الباري" (١/ ١٦٦ - ١٦٧). وقال الحافظ في موضع أخر: "لا حسد" أي لا رخصة في الحسد إلا في خصلتين، أو لا يحسن الحسد إن حسن، أو أطلق الحسد مبالغة في الحث على تحصيل الخصلتين كأنه قيل: لو لم يحصلا إلا بالطريق المذموم لكان ما فيهما من الفضل حاملًا على الإقسام على تحصيلهما به، فكيف والطريق المحمود يمكن تحصيلهما به. (فتح الباري ٩/ ٧٣). ولحديث ابن عمر شواهد، منها: ١ - حديث عبد الله بن مسعود =