للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فقال ما تنظرون إلي؟ قد والله أخبرني أنه صائم. قال: صدق. ثم قال أبو هريرة سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "صومُ شهر الصبر وثلاثة أيام من الشهر صوم الدهر" فأنا صائم في تضعيف الله ومفطر في تخفيفه.

قال الإمام أحمد: وروي نحو هذا عن أبي ذر (١).

وروينا (٢) في حديث أبي مالك الأشعري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الصبر ضياء".

وإنما سمى الصيام صبرًا؛ لأن الصبر (٣) في كلام العرب الحبس، والصائم يحبس نفسه عن أشياء جعل الله تعالى قوام بدنه بها، وسمى الصبر ضياء لأن الشهوات إذا أنفخت به انجلى من القلب الظلام الغاشي إياه باستيلاء الشهوات على النفس، فأبصر مواقع النفع (٤) له من عبادة الله تعالى، فآثرها وابتدر إليها، ومواقع الضرر الذي يلحقه من معاصي الله فاعتزلها، وكف عنها، و قد سماه في خبر آخر نصف الصبر.

[٣٢٩٧] أخبرنا علي بن محمد المقرئ، حدثنا الحسن بن محمد بن إسحاق، حدثنا يوسف بن يعقوب، حدثنا حفص بن عمر، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن جري عن رجل من بني سليم: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ بيده فإما عقدهن بيده، وإما عقدهن بيد السلمي، فقال: "سبحانَ الله نصفُ الميزان والحمدُ لله تملأُ الميزانَ، والله أكبر تملأُ ما بين السّماء والأرض، والوضوء نصفُ الإيمان، والصيامُ نصفُ الصبر".

قال الحليمي (٥) رحمه الله: وهذا- والله أعلم- على أن جماع العبادات فعل أشياء


(١) أخرجه الترمذي في الصوم (٣/ ١٣٥ رقم ٧٦٢) وكذا النسائي (٤/ ٢١٩) وابن ماجه (١/ ٥٤٥ رقم ١٧٠٨).
(٢) راجع الحديث (٢٥٤٨).
(٣) انظر "المنهاج" (٢/ ٣٧٠).
(٤) في النسختين وفي "المنهاج": "مواضع النظر" ولعل الصواب ما أثبته.

[٣٢٩٧] إسناده: حسن.
والحديث أخرجه الدارمي في الوضوء (١٦٧) عن سعيد بن عامر عن شعبة به.
وقد مر برقم (٦٢٢) من طريق سفيان، عن أبي إسحاق فانظر بقية التخريج هناك.
(٥) "المنهاج" (٢/ ٣٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>