للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وسئل نبينا - صلى الله عليه وسلم - عن بدء هذا الأمر فقال: "كان الله ولم يكن شئ غيره، ثم ذكر الخلق" (١).

فإن قال قائل (٢): فهل في العقل دليل على حدث الأجسام؟

قيل: نعم وقد وجدنا الأجسام لا تنفك عن الحوادث المتعاقبة عليها كالاجتماع والافتراق، والسكون والحركة، والألوان، والطعوم، والأرايح (٣) وما لم ينفك من الحوادث ولم يسبقها محدث مثلها …

وإن قال (٤): وهل فيه دليل على حدث الأعراض؟

قيل: نعم قد وجدناها تتضاد في الوجود ولا يصبح وجود جميعها معا في محل فثبت (٥) أن بعضها يبطل ببعض وما يجوز عليه البطلان لا يكون إلا حادثا لأن القديم لم يزل ولا يصح (٦) عليه العدم.

فإن قال: فهل فيه دليل على أن الحوادث لابد لها من محدث؟

قيل: نعم. حقيقة المحدث ما وجد عن عدم، ولولا أن موجودا أوجده لم يكن وجوده أولى من عدمه؛ و (٧) يتقدم بعضها على بعض، فلولا أن مقدما قدم ما تقدم منه لم يكن حدوثه متقدما أولى من حدوثه متاخرا وكذلك وجود بعضه على بعض الهيئات المخصوصة يدل على جاعل خصه بتلك (٨)، لولاه لم يكن بعض الهيئات أولى من بعض ولأنا شاهد الأجسام ينتقل أسبابها وتتبدل أحوالها فلولا أن منقلا (٩) نقلها، لم يكن انتقالها أولى من بقائها عليها وفي ذلك دليل على (١٠) تعلقها بمن نقلها


(١) سيأتي الحديث بكامله في الخامس من شعب الإيمان، وهو باب في القدر خيره وشره من الله تعالى.
(٢) راجع لهذه المباحث "المنهاج" (١/ ٢١٠ - ٢٢٢)، "الاعتقاد" (٩/ ١٧).
(٣) سقطت من الأصل.
(٤) وفي (ن) والمطبوعة "وإن قيل".
(٥) وفي (ن) والطبوعة "فبدت".
(٦) كذا في الأصل وفي النسختين "فلا يصح".
(٧) وفي النسختين "وإنه تقدم".
(٨) وفي (ن) والطبوعة "بذلك".
(٩) وفي (ن) "فلولا أن مقلًّا يقلها".
(١٠) كذا في الأصل، وفي النسختين "على أن تعلقها من نقلها، وحاجتها أولى من غيرها".

<<  <  ج: ص:  >  >>