للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحاجتها إلى من غيرها وأنها مصنوعة وأن لها صانعا غيرها ونحن نصوره في الإنسان الذي هو في غاية الكمال والتمام بأنه (١) كان نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاما ولحما ودما، وقد علمنا أنه لم ينقل نفسه من حال إلى حال لأنا نراه في حال كمال قوته وتمام عقله لا يقدر على أن يحدث لنفسه سمعا ولا بصرا ولا أن يخلق لنفسه جارحة فدل ذلك على أنه قبل تكامله واجتماع قوته عن ذلك أعجز وقد رأيناه طفلا ثم شابا ثم كهلا ثم شيخا، وقد علمنا أنه لم ينقل نفسه من حال إلى حال (فدل على أن ناقلا نقله من حال إلى حال) (٢) ودبره على ما هو عليه، ومما يبين ذلك: أن القطن لا يجوز أن يتحول غزلا مفتولا ثم ثوبا منسوجا من غير صانع ولا مدبر، والطين والماء لا يجوز أن يصيرا لَبِنا مشيدا من غير بان، وكما لا يجوز صانع (٣) لا صنع له لا يجوز صنع إلا من صانع، وقد نبهنا الله تعالى يف غير موضع من كتابه العزيز على ما ذكرنا من العبر فقال عز وجل (٤): {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ. وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا (٥) لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ. وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ. وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ. وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ. وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ}.

وان قال قائل: ومن لكم بأن أثر الصنع موجود في السماوات والأرض قال الحليمي رحمه الله تعالى (٦):

قيل له إن السماء جسم محدود متناه فالمحدود المتناهي لا يجوز أن يكون قديما؛ لأن


(١) وفي (ن) والمطبوعة "فإنه".
(٢) العبارة بين العلامتين ساقطة في (ن).
(٣) في (ن) "صانع ولا صنع له".
(٤) سورة الروم (٣٠/ ٢٠ - ٢٥).
(٥) إلى هنا فقط في (ن) والطبرعة. وبعده "قرأ الخمس أيات وكتبها إلى قوله {إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ} ".
(٦) راجع "المنهاج" (١/ ٢١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>