للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تمر بشيء إلا طحنته، حتى مرت بأبياتهم فطحنتها طحنة واحدة، إلا رباحًا الذي استثناه. فقال عمر: سبحان الله، إن في هذا لعبرة وعجبًا! فقال رجل من القوم: ألا أخبرك يا أمير المؤمنين مثله وأعجب منه؟ قال: بلى. قال: فإن رجلًا من جهينة جاور قومًا من بني ضمرة في الجاهلية، فكان رجل من بني ضمرة يقال له: ريشة يغدو عليه، فلا يزال ينحر بعيرًا من إبله، وإنه كلم قومه فيه، فقالوا: إنا قد حلفناه فانظر أن تقتله فلما رآه لا ينتهي أمهله حتى إذا كان الشهر الحرام دعا عليه فقال:

أصادق رشة نال ضمره

أليس لله عليه قدره

أما يزال شارف أو بكره

يطعن منها في سواء الثغره

بصارم ذي رونق أو شفره

لاهم إن كان تعدى مخبره

فاجعل أمام العين منه حدره

تأكله حتى يوافي الحفره

فسلط الله عليه أكلة فأكلته حتى مات قبل الحول. فقال عمر: سبحان الله، إن في هذه لعبرة وعجبًا! وإن كان الله ليصنع هذا بالناس في جاهليتهم لينزع بعضهم من بعضٍ، فلما أتى الله بالإسلام أخر العقوبة إلى يوم القيامة وذلك أن الله تعالى يقول في كتابه: {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ} (١).

و {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} (٢).

وقال: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} (٣).


(١) سورة الدخان (٤٤/ ٤٠).
(٢) سورة القمر (٥٤/ ٤٦) وفي الأصل و (ن) "إن موعدهم الساعة … " وهو خطأ.
(٣) سورة فاطر (٣٥/ ٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>