للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإن قال قائل: وما الدليل على أنه متكلم؟

قيل: لأنه حي ليس بساكت ولا به أفة تمنعه من الكلام وكل حي كان كذلك كان متكلما ولأنه (١) يستحيل لزوم الخطاب ووجود الأمر عمن لا يصح منه الكلام فوجب أن يكون متكلما.

فإن قال قائل: فما (٢) الدليل على أنه لم يزل حيا قادرا عالما مريدا سميعا بصيرا متكلما؟

قيل: لأنه لو لم يكن كذلك لكان موصوفا باضدادها من موت أو عجز أو آفة ولو كان كذلك لاستحال أن يقع منه فعل وفي صحة الفعل منه دليل على أنه لم يزل كذلك ولا يزال كذلك.

فإن قال قائل: وما الدليل على أنه حي قادر عالم مريد سميع بصير متكلم له الحياة والقدرة والعلم والإرادة والسمع والبصر والكلام؟

قيل: لأنه يستحيل إثبات موجود بهذه الأوصاف مع نفي هذه الصفات عنه، وحين لزم إثباته بهذه الأوصاف لزم إثبات هذه الصفات له قال الله عز وجل (٣): {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ} وقال تعالى (٤): {وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا} وقال (٥): {وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا}. أي علمه قد أحاط بالمعلومات كلها إلى سائر الآيات التي وردت في هذا المعنى. وقال (٦): {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}. فأثبت القوة لنفسه وهي القدرة وأثبت العلم فدل على أنه عالم بعلم قادر بقدرة ولأنه لو جاز عالم لا علم له لجاز علم ل العالم (٧) به كما أنه لو جاز فاعل لا فعل له لجاز فعل لا لفاعل (٨) فلما استحال فاعل لا فعل له كما استحال فعل لا فاعل له كذلك يستحيل عالم لا علم له كما يستحيل علم لا العالم (٩).


(١) وفي (ن) والمطبوعة "ولا يستحيل".
(٢) في (ن) والمطبوعة "وما".
(٣) سورة البقرة (٢/ ٢٥٥).
(٤) سورة طه (٢٠/ ٩٨).
(٥) سورة الطلاق (٦٥/ ١٢).
(٦) سورة الذاريات (٥١/ ٥٨).
(٧) في الأصل "لا عالم".
(٨) في الأصل "لا فاعل".
(٩) في الأصل "لا عالم".

<<  <  ج: ص:  >  >>