للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولأن العلم لو لم يكن شرطا في كون العالم عالما لم يضر عدمه في كل عالم حتى يصح على عالم أن يكون عالما مع عدم العلم وحين كان شرطا في كون بعضهم (١) عالما وجب ذلك في كل عالم لامتناع اختلاف الحقائق في الموصوفين.

ولأن إحكام الفعل يمتنع مع عدم العلم منا به كما يمتنع (مع) (٢) كوننا غير عالمين به، فكما وجب استواء جميع المحكمين في كونهم علماء كذلك يجب استواؤهم في كون العلم لهم لاستحالة وقوعه من غير ذي علم به منا كاستحالة وقوعه من غير عالم به منا.

ولأن حقيقة العلم ما يعلم به العالم وبعدمه يخرج عن كونه عالما فلو كان القديم عالما بنفسه كانت نفسه علما له ولا يجوز أن يكون العالم (٣) في معنى العلم.

فإن عارضوا ما ذكرنا من الآيات بقول الله عز وجل (٤): {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ}. قلنا: لسنا نقول إن الله ذو علم على التنكير (٥) وإنما نقول: إنه ذو العلم على التعريف كما نقول إنه ذو الجلال والإكرام على التعريف ولا نقول إنه ذو جلال واكرام على التنكير. فمعنى الآية إذا "وفوق على ذي علم محدث من هو أعلم منه".

فإن قالوا: فيقولون: إن علمه قديم وهو قديم؟ قيل: من أصحابنا من لا يقول ذلك مع إثباته له أزليا ومنهم من يقول ذلك ولا يجب به الاشتباه، لأن القديم هو المتقدم في وجوده بشرط المبالغة والتقدم في الوجود هو الوجود، والوجود لا يوجب (٦) الاشتباه عند أحد فكذلك التقدم في الوجود لا يوجب الاشتباه ولأن القدم وصف مشترك (٧) يقال "شيخ قديم" و"بناء قديم" و"عرجون قديم". فالاشتباه لا يقع بالاشتراك في الوصف المشترك. ولأنه لو كان الاشتباه يقع بالاشتراك في القدم لكان يقع بالاشتراك في الحدث فلما لم قع بالاشتراك في الحدث لم قع بالاشتراك في القدم.


(١) في الأصل "في كون العالم عالما".
(٢) سقط من الأصل.
(٣) في (ن) والمطبوعة "العامل".
(٤) سورة يوسف (١٢/ ٧٦). وفي (ن) والطبوع "بقوله عز وجل".
(٥) انظر "الأسماء والصفات" (١٥٢).
(٦) في الأصل "لا تجب".
(٧) في (ن) والمطبوعة "وصف اسم مشترك".

<<  <  ج: ص:  >  >>