٢ - وأما مذهب مالك بن أنس -رحمه الله-: فقال إسحاق بن عيسى الطباع سألت مالك بن أنس عما يترخص فيه أهل المدينة من الغناء فقال: يفعله الفساق، وقال أبو الطيب الطبري: أما مالك بن أنس فإنه نهى عن الغناء وعن استماعه وقال إذا اشترى جارية فوجدها مغنية كان له ردها بالعيب وهو مذهب سائر أهل المدينة إلا إبراهيم بن سعد وحده فإنه قد حكى زكريا الساجي أنه كان لا يرى به بأسا فهذه الأقوال تدل على تحريم الغناء على مذهب مالك. ٣ - وأما أبو حنيفة -رحمه الله- فكان يكره الغناء مع إباحته شرب النبيذ ويجعل سماع الغناء من الذنوب وكذلك مذهب سائر أهل الكوفة، إبراهيم وحماد والشعبي وسفيان الثوري وغيرهم لا اختلاف بينهم في ذلك وكذلك لا يعرف بين أهل البصرة خلاف في كراهة ذلك والمنع منه إلا ما روى عبيد الله بن الحسن العنبري أنه كان لا يرى به بأسا. ٤ - وأها مذهب الشافعي -رحمه الله-: فقال الحسن بن عبد العزيز الحروي سمعت محمد بن إدريس الشافعي يقول: خلفت بالعراق شيئًا أحدثته الزنادقة ويسمونه التغبير يشغلون به الناس عن القرآن. وقال أبو الطيب الطبري: قال الشافعي: الغناء لهو مكروه يشبه الباطل ومن استكثر منه فهو سفيه ترد شهادته قال: وكان الشافعي يكره التغبير، قال الطبري: فقد أجمع علماء الأمصار على كراهية الغناء والمنع منه. قال ابن الجوزي -رحمه الله-: وقد كان رؤساء أصحاب الشافعي -رضي الله عنهم- ينكرون السماع وأما قدماؤهم فلا يعرف بينهم خلاف، وأما أكابر المتأخرين فعلى الإنكار، منهم: أبو الطيب الطبري وله في ذم الغناء والمنع كتاب مصنف، وقال عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي عنه: قال لا يجوز الغناء ولا سماعه ولا الضرب بالقضيب، قال ومن أضاف إلى الشافعى هذا فقد كذب عليه وقد نص الشافعي في كتاب أدب القضاء على أن الرجل إذا دام على سماع الغناء ردت شهادته وبطلت عدالته. فهذا قول علماء الشافعية وأهل التدين منهم وإنما رخص في ذلك من متأخريهم من قل علمه وغلبه هواه، وقال الفقهاء من أصحابنا لا تقبل شهادة المغني والرقاص والله أعلم. راجع "تلبيس إبليس" (ص ٢٢٣ - ٢٣٠) و"فصل الخطاب" للتويجري (ص ٢٠١ - ٢٠٢) و"تحريم النرد والشطرنج" (ص ٣١٠ - ٣٢٠).