للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعلا ويقفز على الأخرى من الفرح وقال لجعفر: "أشبهت خلقي وخلقي" فحجل، قال علي: وقال لي: "أنت مني وأنا منك" فحجلت.

وأما (١) ضرب القضيب فإنه إشارة إلى دون الشعر وتقطيع اللحن فقط وليس للتطريب والإلهاء ألا ترى أنه على الإفراد ليس مما تستلذه الأسماع ولا يرغب به وليس صوت المزهر كذلك لأنه يراد به التطريب والإلهاء والأسماع تستلذه وإن لم يكن معه قول وكان الضرب بالقضيب على وسادة والضرب بالمطرق على الطشت سواء.

قال الحليمي (٢) رحمه الله: كل غناء حل أو حرم فهو باطل ما لا قربة فيه إلى الله تعالى، ولا يصلح التوصل به إلى قربه، وهذا صفة الغناء، إلا أنه ليس كل شيء يسمى بالباطل يحرم، فإن اللعب بالصولجان باطل ولا يكره، وكذلك المصارعة، وبسط الكلام فيه، قال فإن أفضل الغناء المباح بغرض صحيح، مثل أن يكون بوجل وحشة وعلة عارضة فتكره، فأشار عدل من الأطباء بان تبوأ المساكن بامنزهة ويغني ليتفرح بذلك وينشرح صدره ارتفع اسم الباطل في هذا الحال عنه، وكان اسم الحق أولى به ألا ترى أن الحداء ضرب من الغناء، ولكنه لما كانت له فائدة معقولة وهي تنشيط الإبل للسير زال عنه اسم الباطل فما يراد به استصلاح نفس الإنسان وفكره أولى أن يزول عنه اسم الباطل.

قال الشيخ أحمد: وعلى هذا لو كان رجل من أهل النسك غلب عليه حال من أحوالهم كالخوف والرجاء والمحبة والشوق وغير ذلك فغنى بما قيل في مثل حاله في بعض الأحايين فازداد بذلك ما هو فيه من الخوف من سوء العاقبة بما سبق في الأول أو الحزن على ما مضى من أيامه في غير الطاعة أو الشوق إلى ما أعد الله لعباده في الآخرة أو يفرح بما قيل فيه عن بعض ما يقاسيه من الخوف والحزن فاعتدلت حاله في الخوف والرجاء والحزن والفرح فجعل يفرح بما وفق له من الطاعة ويحزن بما يخاف من سوء العاقبة أو على ما يقع منه من التقصير في العبادة فقد فعله جماعة من سلف هذه الأمة ولم يكرهوه إلا لمن خرج عن هذه الوجوه وما في معناها.


(١) ذكره الحليمي في "المنهاج" (٣/ ١٨).
(٢) انظر "المنهاج" (٣/ ٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>