للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد روينا، عن عبادة بن الصامت (١) وغيره في كيفية الإيمان بالقدر نحو ذلك. وفي ذلك بيان أن المراد بالحديث الأول أن على مقدور فالله قادره وأن الخير والشر وإن كانا ضدين فإن قادرهما واحد وليس قادر الشر غير قادر الخير كما تقوله الثنوية (٢) فإذا ثبت أن الإيمان بالقدر شعبة من شعب الإيمان فقد دل الكتاب ثم السنة على أن اللّه تعالى علم في الأزل ما يكون من عباده من خير وشر ثم أمر القلم فجرى في اللوح المحفوظ بما علم قال الله تعالى: {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} (٣).

وقال: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} (٤).

وقال: {كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا} (٥).

وروينا عن (٦) عمرادْ بن حصين، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كان الله ولم يكن شئ


(١) حديث عبادة أخرجه المؤلف في "الاعتقاد" (٦٩ - ٧٠) من طريق أبي داود عن أبي حفصة قال قال عبادة بن الصامت لابنه: يا بني! إنك لن تجد طعم حقيقة الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك. سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن أول ما خلق الله جل ثناؤه القلم، فقال له: اكتب، قال: رب، وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة". يا بني! إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من مات على غير هذا فليس مني، وهو في "سنن أبي داود" في السنة (٥/ ٧٦ رقم ٤٧٠٠). وأخرجه الترمذي من وجه آخر ضعيف في القدر من "سننه" (٤/ ٤٥٧ - ٤٥٨ رقم ٢١٥٥)، وأحمد في "مسنده" (٥/ ٣١٧) وابن الجعد في "مسنده" (١٨٣/ ١٢ رقم ٣٥٦٩). ومن طريقه اللالكائي في "شرح السنة" (٢/ ٦١٥ رقم ١٠٩٧). وأخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده" (٧٩ رقم ٥٧٧) وراجع "مجمع الزوائد" (٧/ ١٩٨).
(٢) وهم المجوس الذين ادعوا أن العالم يدبره إلهان يقتسمان الخير والشر، والنفع والضر، والصلاح والفساد، يسمون أحدهما النور، والثاني الظلمة. راجع لمعرفة تفاصيل معتقداتهم "الملل والنحل" للشهرستاني (٧٢/ ٢ - ٩٠).
(٣) سورة يس (٣٦/ ١٢).
(٤) سورة الحديد (٥٧/ ٢٢).
(٥) سورة الإسراء (١٧/ ٥٨).
(٦) ذكره المؤلف في "الأسماء والصفات" (ص ٢٣، ٣٠٠، ٤٧٨)، وفي "الاعتقاد" (ص ٤٢).
وأخرجه البخاري في بدء الخلق (٤/ ٧٢) وفي "التوحيد" (٨/ ١٧٥) من طريق الأعمش عن جامع ابن شداد عن صفوان بن محرز عن عمران به.

<<  <  ج: ص:  >  >>