قال: ولو كان السدل منسوخا لصار إليه الصحابة أو أكثرهم والمنقول عنهم أن منهم من كان يفرق ومنهم من كان يسدل ولم يعب بعضهم على بعض وقد صح أنه كانت له - صلى الله عليه وسلم - فإن انفرتت فرقها وإلا تركها، فالصحيح أن الفرق مستحب لا واجب وهو قول مالك والجمهور. قال الحافظ: قلت: وقد جزم الحازمي بأن السدل نسخ بالفرق واستدل برواية معمر التي أشرت إليها. وقال النووي: الصحيح المختار جواز السدل والفرق وأن الفرق أفضل والله أعلم. وقال القاضي: واختلف العلماء في تأويل موافقة أهل الكتاب فيما لم ينزل عليه شيء فقيل فعله استئلافًا لهم على مخالفة عبدة الأوثان فلما أغنى الله تعالى عن استئلافهم وأظهر الإسلام على الدين كله صرح بمخالفتهم في غير شيء منها صبغ الشيب وقال أخرون: يحتمل أنه أمر باتباع شرائعهم فيما لم يوح إليه شيء وإنما كان هذا فيما علم أنهم لم يبدلوه، واستدل بعض الأصوليين بهذا الحديث أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد شرعنا بخلافه، وعكس بعضهم فاستدل به على أنه ليس بشرع لنا لأنه لو كان كذلك لم يقل يحب، بل كان يتحتم الاتباع، انتهى قول النووي. وقال الحافظ: والحق أن لا دليل في هذا على المسألة لأن القائل به يقصره على ما ورد في شرعنا أنه شرع لهم لا ما يؤخذ عنهم إذ لا وثوق بنقلهم والذي جزم به القرطبي أنه كان يوافقهم لمصلحة التأليف محتمل، ويحتمل أيضًا- وهو أقرب- أن الحالة تدور بين الأمرين لا ثالث لهما إذا لم ينزل على النّبي - صلى الله عليه وسلم - شيء كان يعمل فيه بموافقة أهل الكتاب لأنهم أصحاب شرع بخلاف عبدة الأوثان إنهم ليسوا على شريعة فلما أسلم المشركون انحصرت المخالفة في أهل الكتاب فأمر بمخالفتهم. راجع "فتح الباري" (١٠/ ٣٦٢)، "شرح مسلم" للنووي (١٥/ ٩٠ - ٩١)، "كتاب الاعتبار" للحازمي (ص ١٩٣ - ١٩٤).
[٦٠٥٨] إسناده: حسن. • يحيى بن خلف الباهلي، أبو سلمة البصري، الجوباري (بجيم مضمومة وواو ساكنة ثم موحدة) (م ٢٤٢ هـ). صدوق، من العاشرة (م د ت ق). • عبد الأعلى هو ابن عبد الأعلى السامي. • محمد بن جعفر بن الزبر بن العوام الأسدي، المدني. ثقة، من السادسة (ع). والحديث في "سنن أبي داود" في الترجل (٤/ ٤٠٨ رقم ٤١٨٩). ورواه أبو يعلى في "مسنده" (٨/ ٥٥ - ٥٦ رقم ٤٥٧٧) عن جعفر بن مهران عن عبد الأعلى به. =