قوله "كل شيء يلهو به الرجل باطل إلخ" اختلف العلماء في معنى هذا الحديث، هل هو عام في جميع أنواع الملاهي وأن ما عدا الثلاثة المذكورة في الحديث باطل أم أنه مخصوص بالأحاديث الأخرى التي وردت في إباحة الملاهي؟ فذهب الخطابي إلى أن جميع الملاهي باطلة ما عدا الثلاثة الواردة في الحديث وإليه مال القرطبي في "تفسيره" (٨/ ٣٥)، وابن ا لأثير في "النهاية" (٤/ ٢٨٢). وقال أبو سليمان الخطاب: وفي هذا الحديث بيان أن جميع أنواع اللهو محظورة وإنما استثنى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الخلال من جملة ما حرم منها لأن كل واحدة منها إذا تأملتها وجدتها معينة على الحق أو ذريعة إليه، ويدخل في معناها، ما كان من المناظلة بالسلاح والشد على الأقدام. وقال فأما. سائر ما يتلهى به البطالون من أنواع اللهو كالنرد والشطرنج وسائر ضروب اللعب بما لا يستعان به في حق فمحظور، انتهى قوله ملخصا. وقال ابن العربي المالكي في "عارضة الأحوذي": قوله "كل ما يلهو به الرجل باطل" هو ليس يريد به حرام وإنما يريد به أنه عار من الثواب وأنه للدنيا عضا لا تعلق له بالآخرة والمباح منه لأنه باق والباقي كل عمل له ثواب. وقال الحافظ في الفتح، (١١/ ٩١): وإنما أطلق على ما عداها- الثلاثة- البطلان من طريق المقابلة لا أن جميعها من الباطل المحرم. فالظاهر عدم حصر اللهو المباح في هذه الثلاثة المذكورة في الحديث بدليل الرواية الأخرى من حديث جابر المتقدم وفيه زيادة خصلة رابعة، فدلت هذه الزيادة على عدم الحصر وتؤيده الأحاديث الواردة في إباحة اللهو كضرب الدف والغناء في العيدين والنكاح ونحو ذلك. (١) انظر "المنهاج" (٣/ ٩٠). (٢) ما بين الحاصرتين سقط في "الأصل" و "ن".