للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا الوعيد بالإطلاق لا يكون إلا للكفار فإذا جمع بينه وبين قوله: {وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا} (١).

ثبت أن (٢) الكفار يسألون عن كل ما خالفوا به الحق من أصل الدين وفروعه إذ لو لم يسألوا (٣) عما وافقوا فيه أصل تدينهم من ضروب تعاطيهم ولم يحاسبوا بها لم يعتد بها في الوزن أيضًا، وإذا كانت موزونة في وقت الوزن دل ذلك على أنهم محاسبون بها في مواقف الحساب والله أعلم.

وهذا على قول من قال في الكفار إنهم مخاطبون بالشرائع وهو الصحيح لأن الله عز وجل يقول: {وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ. الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} (٤).

فتوعدهم على منع الزكاة وأخبر عن المجرمين أنهم يقال لهم:

{مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ. قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ. وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ. وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ. وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ. حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ} (٥).

(فبان) (٦) بهذا أن المشركين مخاطبون بالإيمان وبالبعث وبإقام الصلاة وايتاء الزكاة وأنهم مسئولون عنها مخاطبون بها مجزون على ما أخلوا به منها. والله أعلم.

واختلفوا في (٧) كيفية الوزن، فذهب ذاهبون إلى أن الكافر قد يكون منه (٨) صلة الأرحام، ومواساة الناس، ورحمة الضعيف، وإغاثة اللهفان، والدفع عن الظلوم، وعتق الملوك، ونحوها مما لو كانت من المسلم لكانت برًا وطاعة، فمن كان له أمثال هذه الخيرات من الكفار فإنها تجمع وتوضع في ميزانه لأن الله تعالى قال: {فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا} (٩).

فتؤخذ من ميزانه شيئًا غير أن الكفر (١٠) إذا قابلها رجح بها، وقد حرم الله الجنة


(١) سورة الأنبياء (٢١/ ٤٧).
(٢) راجع "المنهاج" (١/ ٢٨٨).
(٣) وفي (ن) "اذا لم يسألوا".
(٤) سورة حم السجدة (٤١/ ٦).
(٥) سورة المدثر (٧٤/ ٤٢ - ٤٧).
(٦) سقط من (ن) والمطبوعة.
(٧) راجع "المنهاج" (١/ ٣٨٩).
(٨) في المطبوعة "معه".
(٩) سورة الأنبياء (٢١/ ٤٧).
(١٠) كذا في "المنهاج" وهو الصواب، وفي النسخ (الكفرة).

<<  <  ج: ص:  >  >>