للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وروي من وجه آخر صحيح عن أبي سعيد الخدري (١) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمعناه.

وقد أخرجه صاحبا الصحيح (٢) وغيرهما من الأئمة في كتبهم الصحاح، وإنما يصح لمن ذهب المذهب الثاني في خيرات الكافر أن يقول: حديث أبي طالب خاص في التخفيف عن عذابه بما صنع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، خص به أبو طالب لأجل النبي - صلى الله عليه وسلم - تطييبًا لقلبه وثوابًا له في نفسه لا لأبي طالب، فإن حسنات أبي طالب صارت بموته على كفره هباء منثورًا.

ومثل هذا حديث عروة بن الزبير (٣) في إعتاق أبي لهب ثويبة وارضاعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما مات أبو لهب أريه بعض أهله في النوم بشر خيبة فقال له: ماذا لقيت؟ فقال أبو لهب: لم ير بعدكم رخاء غير أني سقيت في هذه مني بعتاقتي ثويبة وأشار إلى النقيرة التي بين الإبهام والتي تليها.

وهذا أيضًا لأن الإحسان كان مرجعه إلى صاحب النبوة فلم يضيع (٤) والله أعلم.

وأما المؤمنون الذين يحاسبون فان أعمالهم توزن (٥) وهم فريقان: أحدهما المؤمنون المتقون لكبائر الذنوب فهؤلاء توضع حسناتهم في الكفة النيرة (٦) وصغائرهم- إن كانت لهم- في الكفة الأخرى، فلا يجعل الله لتلك الصغائر وزنًا، وتثقل الكفة النيرة، وترتفع الكفة الأخرى ارتفاع الفارغ الخالي (٧)، فيؤمر بهم إلى الجنة ويثاب كل واحد منهم على قدر حسناته وطاعاته، كما تلونا في الآيات التي ذكرناها في الوازين.


(١) وأخرجه المؤلف بسنده في "دلائل النبوة" (٢/ ٣٤٧) ولفظه عن أبي سعيد أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - وذكر عنده عمه أبو طالب- فقال: لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من النار يبلغ كعبيه، يغلي منهما دماغه.
وأخرجه البخاري في مناقب الأنصار (٤/ ٢٤٧) ومسلم في الإيمان (١/ ١٩٥) وأحمد في "مسنده"، (٣/ ٩، ٥٠، ٥٥).
(٢) في النسخ "صاحب الصحيح".
(٣) أخرجه المؤلف في "دلائل النبوة" (١/ ١٤٩).
وهو عند البخاري في كتاب النكاح (٦/ ١٢٥).
(٤) في (ن) "فلم يضعه".
(٥) راجع "المنهاج" (١/ ٣٩٣).
(٦) كذا في "المنهاج" وهو موافق لما سيأتي وفي النسخ "المنيرة".
(٧) في (ن) والمطبوعة "الحمال".

<<  <  ج: ص:  >  >>