للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحبسني ابتغاؤه، وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون بي فحملوا هودجي، فرحلوه على بعيرى الذي كنت أركب، وهم يحسبون أني فيه، وكان النساء إذ ذاك خفافا لم يثقلن، ولم يحملن اللحم، إنما يأكلن العلقة (١) من الطعام، فلم يستنكر القوم خفة الهودج (٢) حين حملوه، وكنت جارية حدلثة السن فبعثوا الجمل وساروا فوجدت عقدى بعدما استمر الجيش (٣)، فجئتُ منازلهم وليس بها داع ولا مجيب، فتيممت (٤) منزلي الذي كنت به وظننت أنهم سيفقدونني فيرجعون إلي، فبينا أنا جالسة إذ غلبتني عيناي فنمتُ وكان صفوان بن المعطل الصفواني ثم الذكراني من وراء الجيش فأدلج فأصبح عند منزلي، فرأى سواد إنسان نائم فعرفني حين رأني وكان يراني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حيرْ عوفني، فخمرت وجهي بجلبابي، والله ما كلمته بكلمة ولا سمعت منه غير استرجاعه حين عرفني، حتى أناخ راحلته ووطئ على يدها فركبتها، وانطلق يقود بي الراحلة، حتى أتينا الجيش بعدما نزلوا معرسين (٥) في نحر الظهيرة، وهلك في من هلك، وكان الذي تولى كبر الإفك عبد الله


(١) العلقة (بضم العين المهملة وإسكان اللام ثم قات): أي القليل.
وقال القرطبي: كان المراد الشيء القليل الذي يسكن الرمق كذا قال، وقد قال الخليل: العلقة: ما فيه بلغة من الطعام إلى وقت الغداء حكاه ابن بطال قال: وأصلها شجر يبقى في الشتاء تتبلغ به الإبل حتى يدخل زمن الربيع راجع "الفتح" (٨/ ٤٦٠).
(٢) قال الحافظ: وقع في رواية فليح ومعمر "ثقل الهودج " والأول أوضح- أي خفة الهودج كما في رواية الليث عند البخاري فراجع توجيه الروايتين في "فتح الباري" (٨/ ٤٦٠).
(٣) استمز الجيش: أي ذهب ماضيا وهو "استفعل" من "مر".
(٤) كذا وقع في رواية صالح بن كيسان، وفي رواية "فاممت" بالتخفيف أي قصدته وفي رواية أبي ذر ها هنا "اممت " بتشديد الميم الأولى.
(٥) كذا وقع في رواية فليح "معرسين" والتعريس: نزول المسافر في أخر الليل.
وفي رواية "موغرين" وفي رواية أخرى "موعزين".
وصحفه بعضهم فقال: "موعرين" بمهملتين.
وقال الحافظ ابن حجر: وروي "مغورين" بتقديم الغين المعجمة وتشديد الواو والتغوير: النزول وقت القائلة.
وقوله: نحر الظهيرة: أي أولها وهو وقت شدة الحر.

<<  <  ج: ص:  >  >>