للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الحليمي (١) رحمه الله: وإن كان الذنب من مظالم العباد فلا تصح التوبة منه إلا بأداء الواجب عينا كان أو دينا، ما دام مقدورا عليه، فإن لم يكن مقدورًا عليه فالعزم على أن يؤديه إذا قدر في أعجل وقته وأسرعه، وتصح التوبة من كبيرة يتوب عنها دون أخرى من غير جنسها لم يتب عنها، كما لا تصح إقامة الحد عليه لأجلها، وإن كان عليه حد آخر من غير جنسه.

وإذا تاب العبد فليس بواجب على الله -جل جلاله- أن يقبل توبته، ولكنه لما أخبر عن نفسه أنه يقبل التوبة عن عباده ولم يجز أن يخلف وعده، علمنا أنه لا يرد التوبة الصحيحة على صاحبها فضلا منه، ولا يجب لعباده عليه شيء بحال فليس هو تحت أمر آمر ولا نهي ناه فيلزمه شيء.

وقوله: {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} (٢)، وقوله: {كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا} (٣)، فمعناه (٤): أنه لما قضى ذلك وأخبر به فهو يفعله، ولا يخلف وعده.

وقوله: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ} (٥).

فمعناه (٦): إنما التوبة التي وعد الله قبولها وهو لا يخلف وعده فالقبول منه واقع لا محالة، كما يقع الفعل الواجب ممن وجب عليه.

وقوله: {ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ}.

فما قبل الموت قريب، قال الله عز وجلّ في القيامة: {عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا} (٧).

فإذا (٨) كان أجل الجميع قريبًا، كذلك أجل كل واحد قريب وبيانه فيما.


(١) راجع "كتاب المنهاج" (٣/ ١٢٢ - ١٢٣).
(٢) سورة الأنعام (٦/ ١٢)، وفي الأصل و "ن" "كتب ربكم على نفسه الرحمة" وهو خطأ.
(٣) سورة مريم (١٩/ ٧١).
(٤) انظر "المنهاج" (٣/ ١٣٢).
(٥) سورة النساء (٤/ ١٧) وفي "ن" "إنما التوبة على الذين"، محرفا.
(٦) كذا بين الحليمي رحمه الله في "المنهاج" (٣/ ١٣٦ - ١٣٧).
(٧) سورة الإسراء (١٧/ ٥١).
(٨) كذا قال الحليمي في "المنهاج" (٣/ ١٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>