للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ} (١) وهو أن يقول: إن التوبة تقبل ما لم تبطل الدواعي التي تكون للأحياء إلى ضروب المعاصي، فإذا بطلت تلك الدواعي بسقوط القوى وبطلان الشهوات والاستسلام للممات فقد انقضى وقت التوبة، ولا ينقضي وقتها بعجز الحي عن بعض المعاصي مما يحول دونها، فإنه لا يخلو مع ذلك من أن تعرض له الدواعي إليه [إلا أنه يعجز عن إجابتها فإذا قابل تلك الدواعي بأن الله تعالى قد حذر ما يدعو إليه فلا سبيل إليه ولو كان ممكنا ولم يتضجر منها ولم يقلق] (٢) لم يقل في نفسه. لولا العجز لكنت تأمرني فإذا لم تقله بأن الله تعالى قد حط ما يدعى إليه كان مستديما للتوبة، وأما من انقطعت الدواعي عنه وانمحت آثارها فلا يتبين لتوبته أثر قط لا بالعزم ولا بالفعل، فذلك لم تصح توبته والله أعلم.

قلتُ: وقد روينا أخبارًا في وقت التوبة وفضلها مع ما فيها من الإشارة إلى سعة رحمة الله عز وجلّ منها ما

[٦٦٦٣] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو الفضل بن إبراهيم، حدثنا أحمد بن سلمة، حدثنا محمد (٣) بن بشار، حدثنا ابن أبي عدي، عن شعبة، عن قتادة، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -قال: "كان في بني إسرائيل رجل قتل تسعة وتسعين إنسانًا، ثم خرج يسأل، فأتى راهبًا فسأله، فقال: هل من توبة؟ قال: لا، فقتله، وجعل يسأل فقال رجل: ائت قرية كذا وكذا، فأدركه الموت فناء بصدره نحوها ومات، فاختصمت فيه [ملائكة الرحمة و] (٤) ملائكة العذاب فأوحى الله إلى هذه أن تقربي وأوحى إلى هذه أن تباعدي، قال: فوجدوه أقرب إلى هذه بشبر فغفر له".


(١) سورة النساء (٤/ ١٨).
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل و"ن"، وأضفته من "المنهاج".

[٦٦٦٣] إسناده: رجاله موثقون.
• ابن أبي عدي هو محمد.
• أبو الصديق الناجي هو بكر بن عمرو، تقدما.
(٣) في "ن" "أحمد بن بشار" محرفًا.
(٤) زيادة من مصادر التخريج، وهي ساقطة من الأصل و"ن".

<<  <  ج: ص:  >  >>