للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال البيهقي رحمه الله: قوله "في بيعة النساء" أراد كما في بيعة (١) النساء وهو قوله

عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} (٢).

وقوله: "مَن أصابَ مِنْ ذلك شيئًا فسترَه اللّه عليه" أراد به ما خلا الشرك كما أراد بقوله: "فعوقب به" ما خلا الشرك، فجعل الحد كفارة و أصاب من الذنب بعد الشرك، وجعل ما لم يحد فيه موكولَا إلى مشيئة اللّه عزّ وجل، إن شاء غفر له، وإن شاء (٣) عذبه. ثم التعذيب لا يكون مؤبدًا بدليل أخبار الشفاعة وما ورد في معناها من كتاب الله عز وجلّ.

فإن قيل: المعنى (٤) أنه يغفر الصغائر لمجتنب الكبائر، ولا يغفرها لمن لا يجتنب (الكبائر) (٥) كما قال في آية أخرى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} (٦).

قيل: المراد بالكبائر التي شرط في المغفرة اجتنابها هي الشرك فهي في هذه الآية مطلقة، وتكفير السيئات بها مطلقة، وهما في الآية التي احتججنا بها في الموضعين جميعًا مقيدتان فوجب الجمع بينهما وحمل الطلق على المقيد.

فإن قيل: قد توعد أصحاب الكبائر بالنار والخلود فيها، ولم يستثن منهم إلا التائبين


(١) وقد جاء هذا مصرحًا في رواية أبي قلابة عن أبي الأشعث الصنعاني عن عبادة عند مسلم (٢/ ١٣٣٣) "أخذ علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما أخذ على النساء".
وهذه البيعة التي يذكرها عبادة بن الصامت ليست هي بيعة العقبة التي كانت قبل نزول الاية المشار إليها، بل حدثت بعد فتح مكة كما بين ذلك الحافظ ابن حجر في شرح البخاري (١/ ٦٦ - ٦٧).
(٢) سورة الممتحنة (٦٠/ ١٢).
(٣) هذا هو قول جمهرر أهل السنة، وراجع التفصيل في "فتح الباري" (١/ ٦٧ - ٦٨).
(٤) راجع و المنهاخ" (١/ ٤٠٢).
(٥) سقط من (ن).
(٦) سورة النساء (٤/ ٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>