للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الحليمي (١): والثانية أن يكون عالمًا بأحكام الدين يصلي بالناس، فلا يؤتى في عوارض صلواته من جهل بما يحتاج إليه في إتمام صلاته، ويأخذ الصدقات فلا يؤتى فيها من جهل بأوقاتها، وأقدارها ومصارفها، والأموال التي يجب فيها، أو لا يجب، ويقضي بينهم فلا يؤتى فيما ينظر فيه بين الخصمين، ويفصل به بينهما من جهل بما يحتاج إليه، ويجاهد بالمسلمين في سبيل الله، فلا يؤتى في استعداده وخروجه وملاقاته، وما يغنمه الله تعالى و إياه من أموال المشركين، أو يفيئه عليهم أو يعلقه بحبله من رقابهم من فتور ولا جبن ولا خور ولا جهل بما يلزمه أن يعمل فيه ويسير به فيهم، وينظر في حدود الله تعالى إذا رفعت إليه، فلا يؤتى فيها من جهل بما يدرأ منها ويقيم ويتولى الصغار والمجانين والغائبين وحقوقهم، فلا يؤتى فيها من جهل بما فيه النظر والغبطة لهم.

والثالثة أن يكون عدلا قيما في دينه وتعاطيه ومعاملاته وبسط الكلام في الحجة فيه.

قال (٢): وإن لم يكن لمن جمع شرائط الإمامة عهد من إمام قبله واحتيج إلى نصب المسلمين إياه فأشبه ما يقال في هذا الباب عندي وأولاه بالحق، أنه إذا اجتمع أربعون عدلا من المسلمين أحدهم عالم يصلح للقضاء بين الناس فعقدوا له الإمامة بعد إمعان النظر، والمبالغة في الاجتهاد، ثبتت له الإمامة، ووجبت له عليهم الطاعة، وجعل أصل ذلك. اجتماع الصحابة بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أبي بكر، واشتقاقهم له الإمامة المطلقة العامة من إمامة الصلاة، والصلاة التي لا تجوز إلا بالاجتماع عليها هي صلاة الجمعة، وقد قام الدليل على أن صلاة الجمعة لا تنعقد إلا باربعين رجلًا أحدهم إمام


= وأخرجه أحمد في "مسنده" (٢/ ٣٩٥)، وأبو يعلى في "مسنده" (١١/ ٣٢٥ - ٣٢٦) من طريق خلاس، وأحمد في "مسنده" (٢/ ٢٦١) من طريق محمد، و (٢/ ٤٤٣) من طريق نافع بن جبير، ثلاثتهم عن أبي هريرة به. كما أخرجه أحمد في "مسنده" (٢/ ٢٦١)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (١٢/ ١٦٨)، والبغوي في "شرح السنة" (١٤/ ٥٩) من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة بلفظ "الناس تبع لقريش في هذا الأمر خيارهم تبع لخيارهم وشرارهم تبع لشرارهم".
(١) راجع "المنهاج" (٣/ ١٥١ - ١٥٥).
(٢) القائل هو الحليمي في "المنهاج" (٣/ ١٥٥ - ١٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>