للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حبيب بن أبي ثابت، عن أبي البختري قال: قيل لحذيفة: ألا تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ قال: إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لحسن، ولكن ليس من السنة أن ترفع السلاح على إمامك.

قال الحليمي (١) رحمه الله: والإمام العادل طاعته واجبة، ومخالفته حوام، والثبات على عهده وعقده فرض، وأما الجائر فمن قال: إن الفسق لا يناقض الإمامة، احتج بظواهر هذه الأخبار، وقال: إنها نطقت بإيجاب الطاعة للعادل والجائر، وبسط الكلام فيه، ومن قال: إن الفسق يناقض الإمامة قال: إن ذكر الإمام الجائر منفردا عن الإمام العادل ليس إلا لأن الجائر إمام في صورة أمره وظاهر حاله دون إثبات أن يكون إماما بالإطلاق كالعادل، وعرفنا أن مفارقته ونبذ طاعته إذا كانت لا تكون إلا بنقض الجماعة وجبت طاعته، وفي ذلك دليل على أن مفارقته إذا أمكنت بغير نقض الجماعة وجبت مفارقته، ومعنى مفارقة الجماعة أن الجمهور إذا كانوا يرون أن فسقه لا يناقض إمامته، وكان نفر يسير يرون أنه يناقضها، فهؤلاء النفر اليسير لهم أن يبوحوا بما في نفوسهم؛ لأن الجمهور يخالفونهم ويردونهم عن رأيهم، فإما أن تقع الفرقة وإما أن تصيبهم من الإمام معرة، استظهارًا منه بالجمهور، فيكونوا قد تعرضوا من البلاء لما لا يطيقونه، وذلك مما قد نهوا عنه، وهكذا إن كان أهل الرأي يرون أن الفسق مناقض للإمامة إلا أنه لم يمكنهم أن يخالفوه لأن الجند قد ألفوه، فإن أظهروا لهم ما عندهم من الرأي اضطربوا وماجوا وثارت الفتنة فسبيلهم أن يسكتوا ويلزموا الجماعة، ثم بسط الكلام في إتيان الصلوات وإقامتها خلفه إن أقامها، ودفع الصدقات إليه إن طلبها، والترافع إلى من نصبه قاضيا، والخروج معه في جهاد الكفار، وإن كان في دفع واحد مثله قصد بالقتال توهين الدفوع، وإن كان في دفع من قصده بالحق ليزيله عن مكانه أعان أهل الحق إلا أن يرى فيهم ضعفا فيحتال في القعود إن عذر فيه، وإن لم يعذر فيه خرج معه، ويبقى الرمي والضرب والطعن ما أطاق.

[٧٠٩٩] أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أخبرنا أبو بكر بن محمويه العسكري، حدثنا


(١) راجع "المنهاج" (٣/ ١٨٢ - ١٨٣).

[٧٠٩٩] إسناده: صحيح.
• أبو حازم هو سلمة بن دينار.

<<  <  ج: ص:  >  >>