للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} (١).

فإن الحاكم ليس رجلا خص من بين الناس، فقيل له: احكم بما شئت، فإن هذا لم يكن لملك مقرب ولا نبي مرسل، وإنما اؤتمن على حكم الله -تعالى جده- ليفصل بين عباده به وتحمل المختلفين عليه فكل ما قاله بين الخصمين مما ليس بحكم الله -عز وجلّ - فهو مردود عليه، وهو فيه أسوأ حالًا ممن قاله وهو غيرحاكم، لأنه اؤتمن فخان، وكذب على الله -جل ثناؤه- واختيان الأمانة نفاق، والكذب على الله شقاق، والله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ} (٢).

ويقول: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ} (٣).

قال: وينبغي للإمام ألا يولي الحكم بين الناس إلا من جمع إلى العلم السكينة والتثبت، وإلى الفهم الصبر والحلم، وكان عدلا أمينا نزهًا عن المطاعم الدنيئة، ورعًا عن المطامع الرديئة، شديدًا قويًّا في ذات الله، متيقظا متحفظا من سخط الله، ليس بالنكس الخوار فلا يهاب، ولا بالمتعظم الجبار فلا ينتاب، لكن وسطا خيارا، ولا يدع الإمام مع ذلك أن يديم الفحص عن سيرته، والتعرف بحاله وطريقته، [ويقابل منه ما يجب تغييره بعاجل التغيير، وما يجب تقريره بأحسن التقرير] (٤)، ويرزقه من بيت المال إن لم يجد من يعمل بغير رزق ما يعلم أنه يكفيه، ويقوي مما ولاه يده، ويشد أزره-، وبسط الكلام فيه إلى أن قال: ويتوقى أن يقال في ولايته هذا حكم الله، وهذا حكم الديوان، فإن هذا من قائله إشراك بالله؟ إذ لا حكم إلا لله، قال الله- جل ثناؤه- {أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ} (٥). كما قال: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (٦). وقال: {وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا} (٧).


(١) سورة ص (٣٨/ ٢٥).
(٢) سورة الأنفال (٨/ ٢٧).
(٣) سورة الزمر (٣٩/ ٦٠).
(٤) ما بين الحاصرتين سقط من "ن" و "ل".
(٥) سورة الأنعام (٦/ ٦٢).
(٦) سورة الأعراف (٧/ ٥٤).
(٧) سورة الكهف (١٨/ ٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>