للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الذي لطم اليهودي حين قال: والذي اصطفى موسى علي البشر، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُفَضِّلُوا بين أنبياء الله فإنّه يُنْفَخ في الصور، فيصْعق من في السموات ومن في الأرض إلّا من شاء اللّه، ثم يُنْفخ فيه أخرى فأكون أوَّل من بُعث أو في أوَّل مَن بُعِثَ فإذا موسى أخذٌ بالعرش فلا أدري أحُوسب بصعقة يوم الطور أم بعثه قبلي" وهذا حديث صحيح.

قال البيهقي رحمه اللّه: ووجهه عندي أن نبينا - صلى الله عليه وسلم - أخبر عن رؤية جماعة من الأنبياء ليلة المعراج، وإنما يصح ذلك على تقدير أن الله تعالى رد إليهم أرواحهم فهم أحياء عند ربهم، فإذا نفخ في الصور النفخة الأولى صعقوا فيمن صعق ثم لا يكون ذلك موتًا في جميع معانيه إلا في ذهاب الاستشعار فإن كان موسى فيمن استثنى الله عزّ وجل بقوله: {إلَّا مَنْ شَاءَ} فإنه لا يذهب استشعاره في تلك الحالة والله أعلم.

وروينا (١) عن سعيد بن جبير أنه قال: هم الشهداء ثنية الله عزّ وجلّ مقلدي السيوف حول العرش.

وروي فيه حديث مرفوع عن زيد عن أسلم عن أبيه عن أبي هريرة (٢) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سأل جبريل عن هذه الآية وقال: "ومن الذين (٣) لم يشاء الله عزّ وجلّ أن يصعقوا؟ " قال: هم شهداء الله عز وجلّ وهذا لأن الله عزّ وجلّ أخبر في كتابه: أنهم {أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبهمْ يُرْزَقُونَ} (٤) فلا يموتون في النفخة الأولى فيمن يموت من الأحياء والله أعلم.


(١) وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (٢٤/ ٣٠).
ونسبه السيوطي في "الدر النثور" (٧/ ٢٥٠) أيضًا إلى سعيد بن منصور وهناد، وعبد بن حميد وابن المنذر.
وروي عن أبي هريرة مثله.
(٢) أخرجه الحاكم (٢/ ٢٥٣) وصححه ووافقه الذهبي، وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (٧/ ٢٤٩) ونسبه أيضًا إلى أبي يعلى والدارقطني في الأفراد، وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي
في "البعث".
وذهب ابن جرير الطبري إلى أن الشهداء يستثنون من الفزع وليس من الصعقة التي هي الموت لأنهم وإن كانوا أحياء فقد ذاقوا الموت، وروي في ذلك حديثًا مرفوعًا عن أبي هريرة.
راجع "تفسيره" (٢٠/ ١٩، ٢٤/ ٣٠).
(٣) في (ن) والمطبوعة "من الذي".
(٤) سورة آل عمران (٣/ ١٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>