للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما الجنة وما فيها من الحيوان فإنها خلقت للبقاء لا للفناء، وهي دار لذة وسرور ولم يأتنا خبر بموت من فيها.

فإن قيل: قد قال الله عزّ وجلّ: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} (١).

{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} (٢).

قال الحليمي (٣) رحمه الله: يحتمل أن يكون معناه ما من شيء إلا وهو قابل للهلاك،

فيهلك إن أراد الله به ذلك إلا وجهه، أي إلا هو فإنه تعالى جده قديم، والقديم لا يجوز عليه الفناء، وما عداه محدث والمحدث لا يبقى إلا قدر ما يبقيه محدثه فإذا حبس البقاء عنه فني. ولم يبلغنا في خبر أنه يهلك العرش ويفنيه فلتكن الجنة مثله والله أعلم.

قال البيهقي رحمه الله: وروينا (٤) عن سفيان الثوري أنه قال في تفسير هذه الآية:

كل شيء هالك (٥) إلا ما أريد به وجهه.

وفي رواية: إلا ما ابتغي به وجهه من الأعمال الصالحة.

فإذا مات الأحياء كلهم وجاء وقت النفخة الأخرى فقد جاء في حديث الصور وهو حديث روي عن محمد بن كعب عن رجل عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي إسناده مقال، فذكر قصة في النفخة الأولى وما بعدها وذكر موت جبريل وميكائيل ثم موت حملة العرش وموت إسرافيل ثم موت ملك الموت، ثم ينزل ماء من تحت العرش كمني الرجال ثم يأمر السماء أن تمطر أربعين يومًا، ويأمر الأجساد أن تنبت كنبات الطراثيث (٦) أو كنبات البقل، حتى إذا تكاملت أجسادهم قال الله تعالى: ليحيى حملة العرش فيحيون، ثم يقول: ليحيى جبريل وميكائيل أظنه وذكر معهما


(١) سورة آل عمران (٣/ ١٨٥).
(٢) سورة القصص (٢٨/ ٨٨).
(٣) راجع "المنهاج" (١/ ٤٣٣).
(٤) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (٦/ ٤٤٧) برواية المؤلف وهو في "تفسير" الثوري (ص ١٩٤).
وروي مثله عن ابن عباس ومجاهد.
(٥) في (ن) "فهالك".
(٦) الطراثيث: جمع طرثوث، وهو نبت ينبسط على وجه الأرض.

<<  <  ج: ص:  >  >>