للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بسطنا الكلام في ذلك في كتاب "البعث" (١) عن الفراء (٢) وعن الحليمي (٣) رحمه الله.

[٣٥٩] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم ابن عبد الله، حدثنا عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي، حدثنا قرة بن خالد ح.


(١) راجع "البعث والنشور" (٣٣١ - ٣٣٥).
(٢) قال الفرّاء في كتابه "معاني القرآن" (٢/ ٢٨).
يقول القائل: ما هذا الاستثناء، وقد وعد الله أهل النار الخلود، وأهل الجنة الخلود؟ ففي ذلك معنيان:
أحدهما أن تجعله استثناء يسثنيه ولا يفعله، كقولك: والله لأضربنك إلّا أن أرى غر ذلك، وعزيمتك على ضربه، فكذلك قال: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} ولا يشاؤه. والله أعلم.
والقول الآخر إن العرب إذا استثنت شيئًا كبيرًا مع مثله أو مع ما هو أكبر منه كان معنى "إلا" ومعنى الواو سواء. فمن ذلك قوله {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} سوى ما يشاء من زيادة الخلود فيجعل (إلا) مكان (سوى) فيصلح، وكأنه قال، خالدين فيها مقدار ما كانت السموات وكانت الأرض سوى ما زادهم من الخلود والأبد.
ومثله في الكلام أن تقول: لي عليك ألف إلاّ الألفين اللذين من قبل فلان. أفلا ترى أنه في المعنى، لي عليك سوى الألفين وهذا أحب الوجهين إلي، لأن الله عزّ وجلّ لا خلف لوعده، فقد وصل الاستثناء بقوله (عطاء غير مجذوذ) فاستدل على أن الاستثناء لهم بالخلود غير منقطع عنهم.
ونقل الطبري في تفسيره هذا الكلام (١٢/ ١٢٠).
(٣) ذكر الحليمي وجهين في تأويل الاستثناء في قوله تعالى {إلَأ مَا شَاءَ رَثكَ} وقد أشار إليهما المؤلف. والثاني منهما هو القول الثاني من تأويل الفراء.
وقال الحليمي: ويحتمل أن يكون ذكر مدة السموات والأرض في هذا الوجه إشارة إلى أن الآخرة لا تقدر بمقدار الدنيا، ولكنهم إن استوفوا في الجنة مدة العالم المنقضي، فلا الجزاء الذي لقوه منقض، ولا المآب الذي أعد لهم منقض، ولكن هذا كله دائم. والله أعلم. (المنهاج ١/ ٤٦١).

[٣٥٩] إسناده: بمجموع طرقه صحيح.
• إبراهيم بن عبد الله بن يزيد السعدي، أبو إسحاق، التميمي، النيسابوري (م ٢٦٧ هـ).
قال الحاكم: هو محدث كبير، أديب، كثير الرحلة، وكان يؤذن على رأس المربعة. راجع "السير" (١٣/ ٤٤)، "الوافي" (٦/ ٢٩).
• عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي، أبو علي البصري (م ٢٠٩ هـ). صدوق. من التاسعة. (ع).
قال ابن حجر: لم يثبت أن ابن معين ضعّفه. وراجع "كتاب الضعفاء" للعقيلي (٣/ ١٢٣).
• قرة بن خالد السدوسي، البصري (م ١٥٥ هـ). ثقة ضابط، من السادسة (ع). =

<<  <  ج: ص:  >  >>