للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الشيخ: زعم (١) بعض الحفاظ أن مسلم بن الحجاج أخرج هذا الحديث في


(١) لم أجد أحدًا من الحفاظ الذين أشار إليهم المؤلف ولكن وجدنا من المتأخرين الحافظ عبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي فإنه ذكر في "شرح علل الترمذي" (٢/ ٧٦٨) فقال: إن مسلمًا خرج في "صحيحه" عن القواريري عن أبي بكر الحنفي عن عاصم بن محمد العمري، حدثنا سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة … فذكر الحديث.
قال الحافظ: أبو الفضل بن عمار الهروي الشهيد رحمه الله: هذا حديث منكر وإنما رواه عاصم ابن محمد، عن عبد الله بن سعيد المقبري عن أبيه وعبد الله بن سعيد شديد الضعف، قال يحيى القطان: ما رأيت أحدًا أضعف منه، ورواه معاذ بن معاذ عن عاصم بن محمد عن عبد الله بن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة وهو يشبه أحاديث عبد الله بن سعيد انتهى قوله.
وذكر هذا الحديث الشيخ الألباني في "الصحيحة" (رقم ٢٧٢) وذكر قول الذهبي في "الهذب" وهو مختصر سنن البيهقي: لم يخرجه الستة لعلة فأشار إلى أن له علة، قال الألباني: كأنه يريد بها الوقف، فقد أخرجه البيهقي عقب هذا المرفوع (السنن ٣/ ٣٧٥) من طريق أبى صخر حميد بن زياد فذكر الحديث ثم قال: رجاله ثقات رجال مسلم إلا أن أباصخر هذا فيه كلام من قبل حفظه وفي "التقريب" صدوق يهم، فمثله حسن الحديث لكنه لا يصلح لمعارضة الرواية المرفوعة لأن رواتها كلهم ثقات لا مغمز فيهم. فإما أن يقال: إن أباصخر وهم في وقفه والصواب المرفوع، وإما أن يقال: إن أبا هريرة كان يرفعه تارة ويوقفه أخرى وكل حفظ ما وصل إليه، والرفع لا يعارض الوقف لا سيما وهو في حكم المرفوع.
ثم قال الألباني متعقبًا على قول ابن رجب الحنبلي فأطال وأجاد لكن وجدت له علة أخرى غريبة فقد قال الحافظ ابن رجب الحنبلي في "شرح علل الترمذي" قاعدة مهمة: حذاق النقاد من الحفاظ لكثرة ممارستهم للحديث ومعرفتهم للرجال وأحاديث كل واحد منهم لهم فهم خاص يفهمون به أن هذا الحديث يشبه حديث فلان، ولا يشبه حديث فلان، فيعللون الأحاديث بذلك، وهذا مما لا يعبر عنه بعبارة مختصرة، وإنما يرجع فيه أهله إلى مجرد الفهم والمعرفة التي خصوا بها عن سائر أهل العلم، فمن ذلك، ثم ذكر امثلة كثيرة بعضها مسلم، وبعضها غير مسلم، ومن ذلك هذا الحديث مع وهمه في عزوه فقال: ومن ذلك أن مسلمًا خرج في صحيحه عن القواريري فذكر الحديث ثم قال: قال الحافظ أبو الفضل بن عمار الهروي الشهيد: هذا حديث منكر فذكر قوله كما ذكرت.
ثم قال الألباني: قلت: معاذ بن معاذ هو العنبري، وأبو بكر الحنفي اسمه عبد الكبير بن عبد المجيد، كلاهما ثقة محتج به في "الصحيحين" فلا أرى استنكار حديث هذا برواية ذاك بدون حجة ظاهرة سوى دعوى أن حديثه يشبه أحاديث عبد الله بن سعيد الواهي، فإن هذه المشابهة إن كانت كافية لإقناع من كان من النقاد الحذاق، فليس ذلك بالذي يكفي لإقناع الآخرين الذين قنعوا بصدق الراوي وحفظه وضبطه، ثم لم يشعروا بذلك الشبه، أو شعروا به ولكن لم يروا من الصواب في شيء جعله علة قادحة يستنكر الحديث من أجلها، ويسلم للقادح بها مع =

<<  <  ج: ص:  >  >>