للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

منهم باليسير من الطاعة التي يوفونه من أنفسهم، فإنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون، بل سبيلهم أن يكونوا في الأحوال كلها مشفقين من سخطه ومؤاخذته، مخطرين (١) بقلوبهم أنه إن أراد بهم هلكا أو سوءًا دونه ما كان، لم جدوا من يدفعه عنهم ولامن يمنعه بما يملكه (٢) منهم.

وأما الثاني فإن الله عزّ وجلّ ثناؤه أثنى على الذين يدعونه فيقولون: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} (٣) وقرأ الآية.

فسماهم الراسخين في العلم ومعلوم أن أحدًا لا يدعو فيقول: رب لا تزغ قلبي بعد إذ هديتني، إلا وهو خائف على الهدى الذي أكرمه الله تعالى به أن يسلبه إياه.

وأخبر عن أهل الجنة أنهم يقولون: {إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ} قرأ الآيتين (٤).

وجاء في التفسير أنهم كانوا مشفقين أن يسلبوا الإسلام، فيوردوا يوم القيام موارد الأشقياء، وكانوا يدعون الله أن لا يفعل بهم ذلك. وكذلك سائر نعم الله وإن كان الإسلام أعلاها.

وأما الثالث: فقد قال في غير موضع من كتابه.

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ} (٥).

وقال: {وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ} (٦).

وقال: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} (٧).


(١) كذا في النسخ. وهو من قولهم أخطر الله بباله أمر كذا: إذا ألقاه في روعه. وفي النسخة المطبوعة من "المنهاج" "محضرين" ومعناه واضح.
(٢) وفي (ن) "لم يجدوا ما يدفعه عنهم وإلا من يتبعه بما يهلكه منهم ".
(٣) سورة آل عمران (٣/ ٨) وانظر الآية التي قبلها.
(٤) سورة الطور (٥٢/ ٢٦ - ٢٨).
(٥) ورد في ثلاثة مواضع فقط سورة النساء (٤/ ١) وسورة لقمان (٣١/ ٣٣) وسورة الحج (٢٢/ ١). وجاء "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله" في مواضع كثيرة.
(٦) سورة البقرة (٢/ ٤١).
(٧) سورة التحريم (٦٦/ ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>