للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقلت: يا أخي! ما بعد ظلمة القبور وضيق اللحود ومسألة منكر ونكير إلا الطامة. قال وما هي يا ابن السماك؟ فقلت له: إذا أخذ إسرافيل يعني في نفخ الصور، وبعثر ما في القبور، وجئنا نحن باثقالنا نحمل على الظهور. فكم يا أخي في ذلك اليوم مناد ينادي بالويل والثبور؟ وأعظم من ذلك أيضًا توبيخ الرب إيانا عند قراءة السيئات التي قد أحصى علي وعليك فيه النقير والفتيل والقطمير، وملائكة مؤتزرون بأزر من نار، غضاب لغضب الرحمن ينتظرون ما يقال لهم بالغضب: {خُذُوهُ فَغُلُّّوهُ} (١).

قال فشهق شهقة فخر في قبره كأنه ثور قد وجئ في منحره وبال فعرفت بالبول ذهاب عقله، فاقبلت ابنته فاجتذبته، وأسندته إلى صدرها ومسحت وجهه بكمها، وهي تقول بأبي وأمي عينين طالما سهرتا في طاعة الله! بأبي وأمي عينين طالما غضتا عن محارم الله.

وأفاق فقال لي: عليك السلام يا ابن السماك أنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله. وشهق الثالثة فظننت أنها مثل الأولين فحركته فإذا الرجل قد فارق الدنيا.

[٩٠٤] أخبرنا أبو محمد بن يوسف إملاء، حدثنا أبو بكر الطلحي بالكوفة، حدثنا حبيب بن نصر المهلبي، حدثنا عبد الله بن محمد، حدثني أحمد بن عاصم، حدثني الفضيل بن عياض الكندي، قال: مر عيسى بن مريم - صلى الله عليه وسلم - بجبل بين نهرين عن يمينه (نهر) وعن يساره نهر، ولا يدري من أين يجيء ولا من أين يذهب، فقال عيسى: أيها الجبل من أين يجيء هذا الماء وإلى أين يذهب؟ قال: أما الذي يجيء عن يميني فهو دموع عيني اليمنى، و الذي عن يساري فهو دموع عيني اليسرى، قال: مما ذاك؟ قال: من خوف ربي أن يجعلني من وقود النار، قال عيسى فانا أدعو أن يهبك مني، فدعا


(١) سورة الحاقة (٦٩/ ٣٠).

[٩٠٤] حبيب بن نصر بن زياد، أبو أحمد المهلبي. ذكره الخطيب في "تاريخه" (١٠/ ٢٥٣).
• عبد الله بن محمد لم أعرفه.
• أحمد بن عاصم الأنطاكي، أبو عبد الله الزاهد. قال أبو حاتم: أدركته بدمشق، وكان صاحب مواعظ وزهد. كان يقال: هو جاسوس القلب. راجع "الجرح والتعديل" (٢/ ٦٦) "الحلية" (٩/ ٢٨٠) "طبقات الصوفية" (١٣٧ - ١٤٠) "السير، (١١/ ٤٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>