للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأخبر أن المؤمنين هم الذين جمعوا هذه الأعمال فدل ذلك على أنها من جوامع الإيمان.

قال الحليمي (١) رحمه الله تعالى: إذا ثبت أن المؤمنين الموصوفين في هذه الآية إنما استوجبوا اسم المؤمنين حقا لمكان الأعمال التي وصفهم الله تعالى بها، ولم تكن الأعمال المتعبد بها هذه وحدها صح أن المراد بذكرها: هي وما في معناها من الأعمال المفروضة أو المندوب إليها "فالصلاة" إشارة إلى الطاعات التي تقام بالأبدان خاصة و "الإنفاق مما رزق الله" إشارة إلى الطاعات التي تقام بالأموال و"وجل القلب" إشارة الاستقامة من كل وجه ويدخل فيها إقامة الطاعات والانزجار (٢) عن المعاصي.

قال: والآية فيمن إذا ذكر الله وجل قلبه وليس ارتكاب المعاصي ومخالفة الأوامر من أمارات الوجل، والاية فيمن إذا تليت عليه أيات الله زادته إيمانا، وليس التخلف عن الفرائض والقعود عن الواجبات اللوازم من زيادة الإيمان بسبيل، فصح أن الذين نفينا أن يكونوا مؤمنين حقا وأوجبنا أن يكونوا ناقصي الإيمان غير داخلين في الآية.

قال الله عز وجل (٣) {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ}.

فقابل بين ما حببه إلينا وبن ما كره إلينا ثم أفرد الإيمان بالذكر فيما حبب وقابله بالكفر والفسوق فيما كره فدل ذلك (٤) على أن للإيمان ضدين أو أن من الإيمان ما نقيضه الكفر ومن الإيمان ما نقيضه الفسوق، وفي ذلك ما أبان أن الطاعات كلها إيمان ولولا ذلك لم يكن الفسوق (٥) ترك الإيمان والله أعلم.

قال الإمام أحمد: وفصل بين الفسوق والعصيان وفي ذلك دلالة على أن من المعاصي ما لا يفسق به وإنما يفسق بارتكاب ما يكون منها من الكبائر أو الإصرار على ما يكون منها من الصغائر واجتناب جميع ذلك من الإيمان وبالله التوفيق.

وقال الله تعالى (٦): {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}.


(١) راجع (المنهاج) (١/ ٣٤)
(٢) في المطبوعة"الارتجاز".
(٣) الحجرات (٧/ ٤٩).
(٤) وفي (ن) والمطبوعة "فدل على".
(٥) في الأصل "الفسوق".
(٦) البقرة (٢/ ١٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>