للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واقْتَصِر البغوي على قوله في آية "البقرة": وهَذه الآيَة في أقْوَام حَقَّتْ عَليهم كَلِمة الشَّقاوة في سَابِق عِلْم الله (١).

ونقل ابن عطية "الاتِّفَاق على أنها غَير عَامَّة لِوُجُود الكُفَّار [الذين] (٢) قد أسْلَمُوا بَعدها" (٣).

ويَرى الزمخشري أن آية "البقرة" في "العُتَاة الْمَرَدَة مِنْ الكُفَّار، الذين لا يَنْفَع فيهم الْهُدَى، ولا يُجْدِي عليهم اللُّطْف، وسَواء عليهم وُجُود الكِتاب وعَدَمه، وإنْذَار الرَّسُول وسُكُوته" (٤).

أمَّا الرازي فَقَال: اخْتَلَف أهْلُ التَّفْسِير في الْمُرَاد هَهنا بِقَولِه: (الَّذِينَ كَفَرُوا)؛ فَقَال قَائلُون: إنهم رُؤسَاء اليَهُود الْمُعَانِدُون الذين وَصَفهم الله تَعالى بأنهم يَكْتُمون الْحَقّ وهُم يَعْلَمُون، وهو قَول ابن عباس رضي الله عنهما.

وقال آخَرُون: بل الْمُرَاد قَوْم مِنْ الْمُشْرِكين، كَأبي لَهب وأَبي جَهل والوَليد بن الْمُغيرة وأضْرَابهم، وهُم الذين جَحَدُوا بَعد البَيِّنَة، وأنْكَرُوا بَعد الْمَعْرفة، ونَظيره مَا قَال الله تَعالى: (فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (٤) وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ) [فصلت: ٤، ٥]، وكَان عليه السلام حَريصًا عَلى أن يُؤمِن قَومه جَمِيعًا، حَيث قَال الله تَعالى لَه: (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا) [الكهف: ٦]، وقال: (أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) [يونس: ٩٩]، ثم إنه سُبحانه وتَعالى بَيَّن له عليه السلام


(١) معالم التنزيل، مرجع سابق (١/ ٤٩).
(٢) زيادة يقتضيها السياق.
(٣) المحرر الوجيز، مرجع سابق (١/ ٨٧).
(٤) الكشاف، مرجع سابق (ص ٤٠).

<<  <   >  >>