للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذلك يَدُلّ على أنَّ أهْل الكِتَاب لا يَدْخُلون تَحْت اسْم الْمُشْرِك (١).

وقال في تَفْسِير قَوله تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ) [النساء: ٢٥] ما نَصّه:

مِنْ النَّاس مَنْ قَال: إنه لا يَجُوز التَّزَوّج بالكِتَابيَّات ألبتة، واحْتَجُّوا بهذه الآيات فَقَالُوا: إنه تَعالى بَيَّن أنَّ عند العَجْز عن نِكَاح الْحُرَّة الْمُسْلِمَة يَتَعَيَّن له نِكَاح الأمَة الْمُسْلِمَة، ولو كان التَّزَوّج بالْحُرَّة الكِتَابيَّة جَائزًا لَكَان عند العَجْز عن الْحُرَّة الْمُسْلِمَة لم تَكُنْ الأمَة الْمُسْلِمَة مُتَعَيِّنَة، وذلك يَنْفِي دَلالة الآية، ثم أكَّدُوا هذه الدَّلالة بِقولِه تعالى: (وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ)، وقد بَيَّنَّا بالدَّلائل الكَثِيرَة في تَفْسير هذه الآية أنَّ الكِابية مُشْرِكَة (٢).

وخَلص إلى تَرْجِيح قَول الأكْثَرين مِنْ الأئمة الذين قَالُوا: إنه يَجُوز للرَّجُل أن يَتَزَوّج بالكِتَابِيَّة، وحُجّة الْجُمْهُور قوله تعالى في سورة المائدة: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ)، وسُورة المائدة كُلّها ثابِتة لم يُنْسَخ مِنها شَيء قَطّ (٣).

ونَفَى ابن جُزي التَّعارُض فَقَال: ولا تَعَارُض بَين هَذه الآية وبَين قَولِه: (وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ)؛ لأنَّ هَذه في الكِتَابِيَّات، والأخْرى في الْمُشْرِكَات. وقد جَعَلَ بَعض النَّاس هذه نَاسِخَة لِتِلْك، وقيل: بالعكس (٤).

ورَجَّح ابن كثير أنَّ آية "البقرة" عَامَّة مَخْصُوصَة بآية "المائدة"، فقال: هَذا تَحْرِيم مِنْ الله عَزَّ وجَلّ على الْمُؤْمنين أنْ يَتَزَوَّجُوا الْمُشْرِكَات من عَبَدَة الأوْثَان، ثم إنْ


(١) التفسير الكبير، مرجع سابق (٦/ ٤٩).
(٢) المرجع السابق (١٠/ ٤٨).
(٣) المرجع السابق (٦/ ٥٠)، ويُنظر (١١/ ١١٦).
(٤) التسهيل لعلوم التنزيل، مرجع سابق (١/ ١٧٠).

<<  <   >  >>