للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذَكَر ابن تيمية مَعَاني التَّوَفِّي وزَاد مَعْنَى آخَر، وفَائدة أُخْرى، فَقَال: وَلَفْظُ التَّوَفِّي في لُغَة العَرَب مَعْنَاه: الاسْتِيفَاء والقَبْض، وذلك ثَلاثة أنْوَاع:

أحَدُها: توفِّي النَّوم.

والثاني: توفِّي الْمَوْت.

والثالث: توفِّي الرَّوح والبَدَن جَمِيعًا، فإنه بِذلك خَرَج عن حَال أهْل الأرْض الذين يَحْتَاجُون إلى الأكْل والشُّرْب واللِّبَاس والنَّوم، ويَخْرُج منهم الغَائط والبَول، والْمَسِح - عليه السلام - توفّاه الله وهُو في السَّمَاء الثَّانِية إلى أن يَنْزِل إلى الأرْض، لَيْسَتْ حَاله كَحَالَة أهْل الأرْض في الأكْل والشُّرْب واللِّبَاس والنَّوم والغَائط والبَول، ونَحْو ذلك (١).

ولم يُرجِّح ابن جُزَي في الآية شَيئا، فإنه ذَكَر الأقْوال في الآية وصَدَّرَها كُلها بـ: قِيل (٢).

إلَّا أنه قَال في تَفْسِير قَوله تَعالى: (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا) [الزمر: ٤٢] الآية: ومَعْنَاها: إن الله يَتوفَّى النُّفُوس على وَجْهين:

أحَدها: وَفَاة كَامِلَة حَقِيقِيَّة، وهْي الْمَوْت.

والآخَر: وَفَاة النَّوم؛ لأنَّ النَّائم كَالْمَيِّت في كَونِه لا يُبْصِر ولا يَسْمَع، ومِنْه قَوله: (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ) [الأنعام: ٦٠] (٣).

وذَكَر ابن كثير القَول بالتَّقْدِيم والتَّأخِير، ونَسَبه إلى قتادة، وذَكَر القَول الْمَرْويّ عن ابن عباس في أنها حَقِيقَة الوَفَاة، وذَكَر القَول بأنه رَفْع، ثم قَال:


(١) الجواب الصحيح لمن بَدَّل دين المسيح (٢/ ٢٨٥).
(٢) التسهيل لعلوم التنْزيل، مرجع سابق (١/ ١٠٨) وهذه الصِّيغَة صِيغَة تَضْعِيف.
(٣) المرجع السابق (٣/ ١٩٦).

<<  <   >  >>