ثم ذَكَر في بَيان الطَّرِيق الأوْلى - إجْراء الآية على ظَاهِرها - تِسْعَة أوْجه، منها على سَبيل الاخْتِصَار:
١ - مُتَمِّم عُمُرك، فحينئذ أتَوَفَّاك فَلا أتْرُكُهم حتى يَقْتلوك، بل أنا رَافِعُك إلى سَمَائي. قال: وهذا تَأويل حَسَن.
٢ - مُمِيتُك، وهو مَروي عن ابن عباس ومحمد بن إسْحاق.
٣ - الوَاو في قوله:(مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ) تُفِيد التَّرْتِيب، فالآية تَدُلّ على أنه تعالى يَفْعَل به هذه الأفْعال، فأمَّا كَيف يَفْعَل؟ ومَتَى يَفْعَل؟ فالأمْر فيه مَوقُوف على الدَّلِيل، وقد ثَبَت الدَّلِيل أنه حَيّ.
٤ - أنَّ التَّوفِّي أخْذ الشَّيء وَافِيًا، وهُو دَالّ عَلى أنه رُفِع بِرُوحِه وجَسَده، أي تَامًّا.
٥ - أجْعَلُك كَالْمُتَوفَّى؛ لأنه إذا رُفِع إلى السَّمَاء وانْقَطَع خَبَرُه وأثَرُه عن الأرْض، كان كَالْمُتَوفَّى.
٦ - أنَّ التَّوفِّي هو القَبْض.
وقال في الطريق الثاني: "وهُوَ قَول مَنْ قَال: لا بُدّ في الآية مِنْ تَقْدِيم وتَأخِير مِنْ غير أن يَحْتَاج فيها إلى تَقْدِيم أوْ تَأخِير. قالوا: إنَّ قَوله: (وَرَافِعُكَ إِلَيَّ) يَقْتَضِي أنه رَفَعَه حَيًّا، والواو لا تَقْتَضي التَّرْتيب، فلم يَبْقَ إلَّا أن يَقول فيها تَقْديم وتَأخير، والْمَعْنى: إنِّي رَافِعُك إليَّ ومُطَهِّرُك مِنْ الذين كَفَرُوا، ومُتَوفِّيك بَعد إنْزَالي إياك في الدّنيا، ومِثْله في التَّقْدِيم والتَّأخِير كَثير في القُرآن.
ثم أشَار إلى الرَّاجِح، فقال: واعْلَم أنَّ الوُجُوه الكَثيرة التي قَدَّمْنَاها تَغْنِي عن الْتِزَام مُخَالَفَة الظَّاهِر (١).
(١) التفسير الكبير، مرجع سابق (٨/ ٦٠، ٦١) باختصار وتَصَرّف، وتَركتُ ذِكْر طَرِيقين، لأن أحَدهما ضَعيف، كما قال ابن عطية، والثاني إشَارِيّ!