للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ) يَعني عِلْم قِيامِها عِنْد الله، (وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) أنها كَائنَة، ولا يُصَدِّقُون بها (١).

وقال السمعاني: (يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا) أي: كَأنك مَسْرُور بِسُؤالِهِم عنها.

يُقَال: تَحَفَّيْتُ فُلانًا في الْمَسْألة، إذا سَألْته وأظْهَرْت السُّرُور في سُؤالِك، فَعَلَى هَذا تَقْدير الآية: يَسْأَلُونَك عَنها كَأنك حَفِيّ بِسُؤالِهِم. وقِيل: مَعْنَاه: يَسْألُونَك كَأنك حَفِيّ عَنها، أي عَالِم بها. يُقال: أحْفَيْت فُلانًا، إذا مَا بَالَغْتُ في الْمَسْألة عَنه حَتَّى عَلِمْتَ، فَعَلى هذا مَعْنى الآية: كَأنك حَفِيّ عَنها، أي: كَأنك بَالَغْتَ في السُّؤال عَنها حتى عَلِمْتَ (٢).

وبالقَول بالتَّقْدِيم والتَّأخِير قال الثعلبي، فإنه قال: (يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا) قَال أهْل التَّفْسِير: في الآية تَقْدِيم وتَأخِير، تَقْدِيرُها: يَسْألُونَك عَنها كَأنك حَفِيّ، أي بَارّ فِيهم، صَدِيق لَهُمْ قَرِيب، قاله ابن عباس وقتادة. وقال مجاهد والضحاك: كَأنك عَالِم بِهَا. وقد يُوضع (عن) موضع مع (٣) الياء (٤).

واخْتَار ابن عَطِيَّة أنَّ التِّكْرَار في الآية للتَّأكِيد، فَقَال: أمَرَهُ ثَانِية بأن يُسْلِم العِلْم تَأكِيدًا للأمْر وتَهَمُّمًا به .... وقِيل: العِلْم الأوَّل عِلْم قِيَامِهَا، والثَّاني عِلْم كُنْهِها وحَالِها (٥).


(١) بحر العلوم، مرجع سابق (١/ ٥٨٥) باختصار يسير.
(٢) تفسير القرآن، مرجع سابق (٢/ ٢٣٧، ٢٣٨).
(٣) كذا في المطبوع، ويظهر أنّ صوابه: (وقد يُوضَع (عن) موضع الباء).
(٤) الكشف والبيان، مرجع سابق (٤/ ٣١٣).
(٥) المحرر الوجيز، مرجع سابق (٢/ ٤٨٥) باختصار يسير.

<<  <   >  >>