للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأمَّا إيمان اليَهُود والنَّصَارَى والصَّابئين فَالتَّصْدِيق بِمُحَمَّد وبِمَا جَاء بِه، فَمَنْ يُؤمِن مِنْهم بِمُحَمّد وبِمَا جَاء بِه واليَوْم الآخِر ويَعْمَل صَالِحًا فَلَم يُبَدِّل ولَم يُغَيّر حَتى تُوفِّي عَلى ذَلك كُلّه، فَلَه ثَوَاب عَمَلِه وأجْرُه عِنْد رَبِّه، كَمَا وَصَفَ جَلَّ ثَنَاؤه (١).

ثم ذَكَر مَنْ قَال: عُنِي بِقَولِه: (مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ): مُؤمِنُو أهْل الكِتَاب الذين أدْرَكُوا رَسُولَ الله.

كما ذَكَر ابن جرير سَبَب نُزُول الآية.

ورَوَى بإسْنَادِه إلى ابن عباس رضي الله عنهما القَول بالنَّسْخ، ورَجَّح القَول الأوَّل فَقَال: والذي قُلْنَا مِنْ التَّأوِيل الأوَّل أشْبَه بِظَاهِر التَّنْزِيل؛ لأنَّ الله جَلَّ ثَنَاؤه لم يَخْصُص بالأجْر عَلى العَمَل الصَّالِح مَع الإيمان بَعْض خَلْقِه دُون بَعْضٍ مِنْهُم، والْخَبَر بِقَولِه: (مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الآخِرِ) عن جَمِيع مَا ذُكِرَ في أوَّل الآية (٢).

وذَكَر السمرقندي أقْوالًا في الآيَة، فَقَال: (مَنْ آمَنَ) مِنْ هَؤلاء. (بِاللَّهِ والْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ) يَعْنِي ثَوَابهم.

وقال مُقَاتِل: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) يَعْنِي: صَدَّقُوا بِتَوحِيد الله، ومَن آمَن مِنْ الذين هَادُوا ومِن النَّصَارى والصَّابِئين فَلَهُم أجْرُهم.

وقال القَتبي: قَوله: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) هُمْ قَوْم آمَنُوا بألْسِنَتِهِم ولَم يُؤمِنُوا بِقُلُوبِهِم، فَكَأنه قَال: إنَّ الْمُنَافِقِين والَّذين هَادُوا والنَّصَارَى والصَّابِئين (٣).

ثم ذَكَر السمرقندي الْمَعْنَى العَام، فَقَال: وقَوله تَعالى: (مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ) ولم يَذْكُر في الآية الإيمان بِمُحَمَّد صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لَمَّا ذَكَر الإيمان بالله تعالى فَقَد


(١) جامع البيان، مرجع سابق (٢/ ٣٨، ٣٩).
(٢) المرجع السابق (٢/ ٤٠ - ٤٦).
(٣) بحر العلوم، مرجع سابق (١/ ٨٦).

<<  <   >  >>