للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دَخَل فِيه الإيمان بِمُحَمَّد صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لا يَكُون مُؤمِنًا بِالله تَعالى مَا لَم يُؤمِن بِجَمِيع مَا أنْزَل اللهُ تَعالى عَلى مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم وعَلى جَمِيع أنْبِيَائه عَليهم الصلاة والسلام، فَكَأنه قَال: مَنْ آمَن بِالله وبِمَا أنْزِل عَلى جَمِيع أنْبِيَائه وصَدَّق بِاليَوم الآخِر وعَمِل صَالِحًا، أي: أدَّى الفَرَائض، فَلَهم أجْرُهم عِنْد رَبِّهم، يَعْنِي: لَهُمْ ثَوَاب أعْمَالِهم في الآخِرَة (١).

ونَقَل السَّمعاني عن سِيبويه قَوله: في الآيَة تَقْدِيم وتَأخِير، وتَقْدِيرُه: إنَّ الذين آمَنُوا والَّذين هَادُوا والنَّصَارَى مَنْ آمَن بِالله والَّذين هَادُوا والنَّصَارَى مَنْ آمَن بِالله واليَوْم الآخِر وعَمِل صَالِحًا فَلا خَوْف عَليهم ولا هُمْ يَحْزَنُون، والصَّابِئون كَذلك.

ثم قال السمعاني: قَوله: (مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ): يَعْنِي: الذين آمَنُوا باللِّسَان، مَنْ آمَن مِنْهم بالقَلْب.

قال: وقِيل: إنَّ الذين آمَنُوا عَلى حَقِيقَة الإيمان.

وقَوله: (مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ) أي: مَنْ ثَبَت عَلى الإيمان بِالله، وأمَّا في حَقِّ اليَهُود والنَّصَارَى والصَّابِئين فَهو مَحْمُول عَلى حَقِيقَة الإيمان (٢).

ونَقَل الثعلبي الاخْتِلاف في حُكْم الآيَة، ومَعْنَى قَوله تَعالى: (مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ)، فَقَال: ولَهُم فِيها طَرِيقَان:

أحَدُهما: إنه أرَادَ بقَولِه: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) على التّحْقِيق وعَقْد التَّصْدِيق، ثُمَّ اخْتَلَفُوا في هَؤلاء الْمُؤمِنِين مَنْ هُم؟

فَقَال قَوْم: هُمْ الذين آمَنُوا بِعِيسَى ثُمَّ لَم يَتَهَوَّدُوا ولَم يَتَنَصَّرُوا ولم يصْبِئوا، وانْتَظِرُوا خُرُوج مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم.


(١) بحر العلوم، مرجع سابق (١/ ٨٦).
(٢) تفسير القرآن، مرجع سابق (٧/ ٥٤).

<<  <   >  >>