للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال آخَرُون: هُمْ طُلَّاب الدِّين مِنْهم حَبِيب النَّجَّار وقَيس (١) بن ساعدة وزَيد بن عَمرو بن نُفيل ووَرَقَة بن نَوفل والبَراء السندي وأبو ذَرّ الغِفَاري وسَلْمان الفَارِسي ويَحْيى (٢) الرَّاهب ووَفْد النَّجَاشي؛ آمَنُوا بالنَّبي صلى الله عليه وسلم، بَلْ مَبْعَثِه، فَمِنْهُم مَنْ أدْرَكَه وتَابَعه، ومِنْهُم مَنْ لَم يُدْرِكْه.

وقِيل: هُمْ مُؤمِنُو الأُمَم الْمَاضِيَة.

وقِيل: الْمُؤمِنُون مِنْ هَذه الأمَّة.

والذين هَادُوا: يَعْنِي الذين كَانُوا عَلى دِين مُوسى عليه السَّلام، ولم يُبَدِّلُوا ولَم يُغَيِّرُوا.

والنَّصَارَى: الذين كَانُوا عَلى دِين عِيسَى عَليه السَّلام ولم يُبَدِّلُوا ومَاتُوا عَلى ذلك والطَّرِيق الآخَر (٣): إن الْمَذْكُورِين في أوَّل الآية بالإيمان إنما هُو عَلَى طَرِيق الْمَجَاز والتَّسْمِيَة دُون الْحُكْم والْحَقِيقَة، ثُم اخْتَلَفُوا فِيه:

فَقَال بَعْضُهم: إنَّ الذين آمَنُوا بالأنْبِيَاء الْمَاضِين والكُتُب الْمُتَقَدِّمَة ولَم يُؤمِنُوا بكَ ولا بِكِتَابِك.

وقال آخَرُون: يَعْنِي بِه الْمُنَافِقِين، أرَادَ: إنَّ الذين آمَنُوا بِألْسِنَتِهِم ولَم يُؤمِنُوا بِقُلُوبِهم، ونَظِير هَذه الآية قَوله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ) [النساء: ١٣٦].

ثم خَتَمَ ذَلك بِقَولِه: وفِيه اخْتِصَار وإضْمَار، تَقْدِيرُه: مَنْ آمَن مِنْهُم بِالله واليَوم الآخِر؛ لأنَّ لَفْظ (مَنْ) يَصْلُح للوَاحِد والاثْنَين والْجَمْع والْمُذَكَّر والْمُؤنَّث … (وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) فِيمَا قَدَّمُوا.


(١) هكذا في المطبوع، والأشهر: قسّ بن ساعدة.
قال ابن ماكولا (الإكمال ٧/ ٩٣): وأما قُس - بِضَمّ القَاف - فهو قُس بن ساعدة الإيادي، أحَد حُكماء العرب ومتألهيهم.
وله ترجمة في الإصابة (٥/ ٤١٢).
(٢) هكذا في المطبوع! والذي يظهر أنه تحريف لـ "بُحَيْرَى".
(٣) هذا الطريق الثاني في الجمع بين الآيات فإنه قَال في أوَّل الكَلام: "وَلَهُمْ فيها طريقان".

<<  <   >  >>