للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) عَلى مَا خَلَّفُوا.

وقيل: لا خَوْف عَليهم بالْخُلُود في النَّار، ولا يَحْزَنُون بِقَطِيعَة الْمَلِك الْجَبَّار.

ولا خَوْف عَليهم مِنْ الكَبَائر وإني أغْفِرُها، ولا هُمْ يَحْزَنُون عَلى الصَّغَائر فَأني أُكَفِّرُها.

وقِيل: لا خَوف عَليهم فِيمَا تَعَاطَوا مِنْ الإجْرَام، ولا هُمْ يَحْزَنُون عَلى مَا اقْتَرَفُوا مِنْ الآثَام لِمَا سَبَق لَهم مِنْ الإسْلام (١).

واخْتَار الزمخشري أنَّ الْمُرَاد بـ (الَّذِينَ آمَنُوا) في آية "البقرة" هُمْ الْمُنَافِقُون، فَقَال: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) بأَلْسِنَتِهِم مِنْ غَير مُوَاطَأة القُلُوب، وهُم الْمُنَافِقُون (٢).

ومَعْنَى (مَنْ آمَنَ) عِنْدَه: مِنْ هَؤلاء الكَفَرة إيمانًا خَالِصًا، وَدَخَل في مِلّة الإسْلام دُخُولًا أصِيلًا (٣).

وأمَّا الرَّازي فَقد ذَكَر غَير وَجْه في الْجَوَاب عن الإشْكَال الْمُتَوهَّم في آية "البقرة"، حيث ذَكَر ثَلاثَة أوْجُه في مَعْنى الآيَة، وذَكَر سَبَب الاخْتِلاف، فَقَال: واخْتَلَف الْمُفَسِّرُون في الْمُرَاد مِنْه، وسَبَب هَذا الاخْتِلاف قَوله تَعالى في آخر الآية: (مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الْآخِرِ)، فإنَّ ذَلك يَقْتَضِي أن يَكُون الْمُرَاد مِنْ الإيمان في قَوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) غَير الْمُرَاد مِنْه في قَولِه تَعالى: (مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ)، ونَظِيرُه في الإشْكَال قَوله تَعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ) [النساء: ١٣٦]، فَلأجْل هَذا الإشْكَال ذَكَرُوا وُجُوهًا:


(١) الكشف والبيان، مرجع سابق (١/ ٢٠٩، ٢١٠) باختصار.
(٢) الكشاف، مرجع سابق (ص ٨٠).
(٣) المرجع السابق، الموضع السابق.

<<  <   >  >>