للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورَوَى مِنْ طَرِيق الْحُسَين قَال: ثَنِي حَجَّاج: (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ) قَال: لا يَسْأل أحَد يَومئِذ بِنَسَبٍ شيئًا، ولا يَتَسَاءَلُون، ولا يَمُتُّ إلَيه بِرَحِم (١).

وفي قَوله تَعالى: (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ): اقْتَصَر عَلى قَول وَاحِد، حَيث قَال: قِيل: مَعْنَى ذَلك: وأقْبَل الإنْس عَلى الْجِنّ يَتَسَاءَلُون.

ثم ذَكَرَ مَنْ قَال بِذلك (٢).

وقَال النَّحَّاس: وَهَذه الآية مُشْكِلَة، لأنه قَال جَلَّ وَعَزّ: (فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ)، وقَال في مَوْضِع آخَر: (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ) [الصافات: ٢٧].

والْجَوَاب عَنْ هَذا - وهو مَعْنَى قَول عبد الله بن عباس وإن خَالَف بَعْض لَفْظِه، والْمَعْنَى واحِد - أنه إذا نُفِخَ في الصُّور أوَّل نَفْخَة تَقَطَّعتِ الأرْحَام وصُعِقَ مَنْ في السَّمَاوات ومَن في الأرْض وشُغِل بَعْض النَّاس عَنْ بَعْض بأنْفُسِهم، فَعِنْد ذَلك لا أنْسَاب بَيْنَهم يَومَئذٍ ولا يَتَسَاءَلُون.

قال: ومَعْنَى (يَوْمَئِذٍ) في قَوله: (فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ) كَمَا تَقُول: أنا اليَوْم كَذا. أي في هَذا الوَقْت، لا تُريد وَقْتًا بِعَيْنِه (٣).

واقْتَصَر السمرقندي على قَوله: قَولُه عَزَّ وَجَلَّ: (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ) [المؤمنون: ١٠١] يَعْنِي: النَّفْخَة الأخِيرَة.

(فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ)، يَعْنِي: لا يَنْفَعُهم يَومَئذٍ


(١) جامع البيان، مرجع سابق (١٧/ ١١٣).
(٢) المرجع السابق (١٩/ ٥٢٤).
(٣) معاني القرآن، مرجع سابق (٤/ ٤٨٧).

<<  <   >  >>